الرزاز .. وأبو البصل وما بينهما


الحكاية تتلخص بأن الدكتور عبدالناصر ابو البصل وزير الاوقاف , اصدر تعميما خلاصتة ان المساجد لمن يرتادها وليس لمن هم خارجها . كما تضمن التعميم الى أئمة المساجد ان تقام الصلاة في موعدها وان لا تُستخدم السمعات الخارجية في المأذن الا في حالة اقامة الاذان فقط , وكذلك منع أئمة المساجد فتح السمعات الخارجية للمساجد اثناء القائهم لدروسهم الدينية إلا لمن هم في داخلها الى اخر ما جاء في بقية التعميم.

لن ادخل هنا في حيثيات تعميم الوزير فقد اُشبع من قبل رواد التواصل الاجتماعي نقدا , وفي بعض الاحيان مدحا , على ما حمله هذا المدح من استحياء بسبب الوعي الجمعي الاردني بان الدين خط احمر لا يجوز الاقتراب منه حتى لو كان ذلك الاقتراب في مصلحة الدين نفسة .

ما يعنيني في الحقيقة موقف رئيس الوزراء عمر الرزاز الذي اصدر قرارا بألغاء تعميم الوزير ابو البصل عندما علم فورا بمضمون التعميم الصادر عن وزارة الأوقاف والشؤون والمقدّسات الإسلاميّة مبررا قراره ان مجلس الوزراء لم يطلع على مضمونه قبل اصداره !!!

ما حصل مصيبة اخرى , تُضاف الى المصائب الكثيرة التي رافقت عمل الحكومة منذ تشكيلها . تبرير الغاء تعميم الوزير من قبل الرئيس الرزاز تبرير ينقصه الذكاء الاداري والمؤسسي , وقد اصاب هياكل صنع القرار في الحكومة نفسها في مقتل مع الاسف الشديد !!!

هنالك ثلاث عناصر اساسية لمن يفهم في ابجديات علم الادارة وهي تتمثل في (المسؤولية , والصلاحية والمسائلة) , ما تم من خلال قرار الرئيس ألغاء تعميم الوزير هو تعدي صارخ على صلاحيات الوزير في ادارة شأن من شؤون وزارته , فالوزير في هذه الحالة هو وحده من يتحمل نتيجة تعميمه, فأن كان الرزاز اعتقد ووصل الى قناعة تامة في جلسة رسمية لمجلس الوزراء ان تعميم الوزير كان خاطئا , وقد اضر في عمل الحكومة او على شعبيتها , كان الاجدى مسألته في تلك الجلسة الرسمية وتحميلة المسؤولية لكي يُعيد الوزير نفسة الغاء التعميم وذلك حفاظا على هيبة الوزير حتى امام من يترأسهم .

لقد حدث هذا الخطاء مرارا وتكرارا في أليات عمل الحكومات الاردنية في السنوات الاخيرة , لكن لحساسية هذا الموضوع فقد ظهر الى العلن بشكل واضح على مدى الثلاثة ايام المنصرمة .

السبب من وجهة نظري يعود وبكل بساطة الى ان الحكومات الاردنية لا تتشكل على اسس برامجية تحمل رسالة ورؤية استراتيجية لمعالجة كافة التحديات والمشاكل التي تمر على بلدنا العزيز , لذلك نجد التخبط والتناقض وعدم التنسيق بين اجهزة الحكومة نفسها , مما يؤدي بالتالي الى المزيد من الازمات .

الحل يكمن في تغير النهج السياسي في تشكيل الحكومات الاردنية , حكومات تحمل برامج وحلول علمية واقعية لكافة القطاعات الاردنية بصلاحيات وولاية عامه كاملة وغير منقوصة على مبداء المصطلاحات الادارية الواردة في اعلاه , حكومات تستطيع ان تتحمل المسؤولية متضامنه بكافة اعضائها , وصلاحيات تُمنح لها من اجل القدرة على تحقيق برامجها , ومسائلة لها حين الاخفاق حسب الاسس التشريعية والدستورية المعمول بها في الاردن .

بغير ذلك سوف نبقى نحفر بالقعر !!!

بقلم : د.علي النحلة الحياصات




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد