سكجها يكتب: صورة الوزراء و”الأفلام المحروقة”!


باسم سكجها - من الصعب عليّ أنّ أمرّ على تلك الصورة “الزاهية” مرور الكرام، فأعضاء الوفد الوزاري المسافر إلى بغداد (بعضهم أصدقاء لي أصلاً) يجلسون في مقاعد “الدرجة السياحية”، ويبتسمون للكاميرا التي لا أعرف من يقف خلفها، “فكبس زرّها”، ولكنّ تداولها على الوسائل المجتمعية كان واسعاً، والطريف أنّ الموجودين فيها بدوا وكأنّهم يعتبرونها إنجازاً تاريخياً، في المعركة التاريخية ضدّ الاسراف الحكومي، والحرب المعلنة انتصاراً للتقشّف العام!
لا، والله، ما قصّرتم، يا جماعة! فها قد أصبحتم أخيراً من الشعب الذي “يسافر على الدرجة السياحية”، وهو أصلاً غير قادر على التنقّل من مدينة إلى مدينة أردنية لأنّه مُشبّع بالدين، وتذكّرنا معها مجلس الوزراء السابق الذي عقد اجتماعه الاسبوعي في مدينة أردنية، ووصل إليها الوزراء في حافلة ركاب صغيرة، تُرافقها عشرات السيارات، أمّا في طريق العودة فقد استقلوا ذوات الدفع الرباعي السوداء!
أنا أتحدّث، هنا، عن النيّة الحقيقية للتقشّف، وليس عن الصور الساذجة التي لا تقنع أحداً، وأتحدث عن الناس التي تستقبل الصور بسخرية وتعمّم تعليقاتها الغاضبة، ولا ننسى هنا رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد الله النسور وهو يصل إلى مقصده في سيارة تويوتا بريوس مهجّنة، وحوله موكب من السيارات الرباعية السوداء، في رسالة دعم للتقشّف والترويج للهايبرد، ولكنّه لم يُعد استعمالها أبداً، فقد ظنّ أنّ الفيديو الذي التقط سيظلّ في ذهن الأردنيين، وهذا ما لم يحصل، بالطبع، لأنّ ذاكرة الأردنيين تُخزّن الكثير، ولا تنسى.
هذه “الأفلام المحروقة” لم تعد تمرّ على الأردنيين، فقد شاهدوها ألف مرة، ومرّة، وكانت مُرّة الطعم في أحلاقهم ومعداتهم وصار الهضم مستحيلاً، فأقلّ القليل أن تكون الممارسة حقيقية، وأن يكون التقشّف أصيلاً، ومحكوماً بالقانون.
قبل أن أُنهي أتذكّر أنّ السفيرة الهولندية في عمان “ماريانا دي كواستينيت” زارتني في مكتبي ومعها دعوة لي للمشاركة في مؤتمر دولي لمحاربة الفساد في لاهاي بورقة عمل، وتذكرة سفر على درجة رجال الأعمال، ولكنّني فوجئت في الطائرة أنّها تدخل وتُسلّم عليّ، ثمّ تواصل مسيرها نحو الدرجة السياحية، فذهبت إليها خلال الرحلة وسألتها عن السبب، فأجابت: أنت ضيفنا ويسمح القانون لنا أن نُكرمك بهذه الدرجة، أمّا أنا فموظفة لا يسمح لي القانون إلاّ بالدرجة السياحية كأيّ مواطن هولندي عادي. شعرت بالاحراج، ولم أجد على لساني سوى القول لها: “أنتم دولة تستأهل الاحترام”، وفهمكم كفاية أيّها القراء الأعزاء، وللحديث بقية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد