مخاوف مشروعة 2


الكاتب : اللواء المتقاعد مروان العمد

واتابع هنا ذكر مخاوفي من احداث يمكن ان تستغل للأيقاع ما بين النظام والشعب ، واقول ان من بين تلك الاحداث مجموعة من القرارات والتصرفات الخاطئة والتي اثارت حنق المواطنين .

فقد قامت حكومة دولة هاني الملقي بأتخاذ عدة قرارات اقتصادية صعبة تتضمن زيادات على اسعار الوقود والسلع واسعار الكهرباء وبعض الرسوم والغرامات ، ثم وخضوعاً لطلبات صندوق النقد الدولي طرحت قانوناً جديداً لضريبة الدخل لقي معارضة شعبية واسعة اندلعت على اثرها حركة احتجاجات واعتصامات على الدوار الرابع اودت بهذة الحكومة .

ثم جاءت حكومة دولة عمر الرزاز والتي من يومها الاول اخذت تتفجر امامها الالغام فيما هي تقوم بتفجير الغام اخرى امام المواطنين . فبعد ان كان المواطنين ينتظرون تغييراً شاملاً في الحكومة الجديدة جاءت وكأنها نسخة عن السابقة مع بعض التعديلات التي لم ترقى للمستوى المطلوب .

وكان رئيس الحكومة وعند التكليف الملكي السامي قد وعد بسحب قانون ضريبة الدخل لاعادة دراسته من جديد لنجد بعد التشكيل اعادة طرح نفس القانون مع تعديلات ضفيفة جداً تحت ضغط صندوق النقد الدولي . وتم اقرار هذا القانون من قبل مجلس النواب لتندلع بعد ذلك حركة احتجاجات واعتصامات قرب الدوار الرابع وفي مساء كل يوم خميس .

وبعد ان كانت الاعتصامات والاحتجاجات السابقة توجه للحكومة فقط . ففي هذه المرة حدث ارتفاعاً في سقف الشعارات والهتافات من قبل بعض المعتصمين ثم اخذت تظهر بين المعتصمين اعداداً من السياسيين السابقين والعسكريين المتقاعدين ووجهاء وشخصيات عامة رفعت من حدة خطابها واخذت توجه سهام النقد والهجوم الى النظام ورأس النظام مع انها هي كانت من ضمن منظومة النظام قبل ان ينتهي دورها بالعمل العام السياسي او العسكري .

لا بل ان البعض اصدر تصريحات بأسم أحزاب والبعض بأسم عشائر والبعض بأسم المتقاعدين تجاوزت كل السقوف وتجاوزت عنان السماء في ظاهرة تشير ألى ان هناك ما يتم أعداده والسعي أليه يفوق في أهدافه مطالب ألجماهير التي خرجت غضباً على قانون ألضريبة وعلى ارتفاع ألاسعار وعلى ألفساد وعدم ألجدية بمحاربته وأن كل شيئ يسير حسب خطة موضوعة مسبقاً من قبل أصحاب ألقرار ألذين يعملون على رسم خارطة جديدة للمنطقة بتعاون من ألبعض .

ألا ان رفع سقف ألمطالب والهتافات كان لك تأثير عكسي على حركة الجماهير على الدوار الرابع لعدم تجاوب الغالبية العظمى من المواطنين مع هذا الرفع ، ففقد التجمع زخمه وقوتة واصبح يتحول الى عمل روتيني يشارك فيه بعض الحراكيين وبعض الباحثين عن الزعامة او الوزارة .

الا انه ونتيجة وجود بعض مراكز القوى والصراعات داخل الحكومة ، ولمحاولة الرزاز ارضاء جميع الاطراف في حكومته فقد كان يوافق على مجموعة من التعينات خارج نطاق ديوان الخدمة المدنية وبطريقة سرية وبرواتب كبيرة . ثم كانت اطرافاً ما تقوم بتسريب كتب هذه التعينات على وسائل التواصل الاجتماعي ، مما اثار غضب المواطنين لعدم شرعيتها وقانونيتها وعبروا عن ذلك بتغريدات حادة وجارحة وقد ربطت بعض التغريدات تعين بعض الاشخاص ببعض المسؤولين لمجرد الاشتراك باسم العائلة او الادعاء بوجود علاقات معرفة ونسب ومصاهرة بينهم وبين بعض المسؤولين وخاصة في الديوان الملكي . الا ان بعض هذه التعينات كانت واضحة ان الهدف منها استرضاء بعض النواب من خلال تعيين اشقائهم في مناصب قيادية اثارت غضب المواطنين واثارت غضب جلالة الملك الذي وجه الحكومة الى اتباع الشفافية والعدالة واختيار الاصلح في هذة التعينات ، وحتى ان جلالته لم يصدر حتى الآن ارادته السامية بالتصديق على قرار مجلس الوزراء على هذة التعينات .

وقد اثارت هذه التعينات والطريقة التي تمت بها والرواتب المخصصة لها حفيظة وغضب المتعطلين عن العمل في الاردن والذين يبلغ اجمالي معدلهم اكثر من ثمانية عشر في المائة من القوى العاملة في الاردن دون احتساب البطالة المقنعة . وقد بدى لهم ولغيرهم ان هذه التعينات هي استفزازاً متعمد لهم وعلى حساب فرصهم في العمل ومصدر رزقهم وعيشهم .

وقد بدى واضحاً من هذة التعينات انه يوجد داخل الحكومة قوى تسعى للتأزيم واثارة الشارع الاردني عليها للعمل على افشالها واظهار ان رئيسها ليس صاحب ولاية في حكومته والذي كان يتراجع بعد ذلك عن هذه التعينات مما كان يزيد السخط على هذه الحكومة وخاصة بين اوساط المتعطلين عن العمل والذين وجدوا ان البطالة لهم والعمل لغيرهم .

كما ان حدة انتقاد المغردين على وسائل التواصل الاجتماعي على هذه التعينات بحسن نية الغالبية العظمى منهم وسوء نية البعض كانت من اسباب زيادة سخط المتعطلين عن العمل الى درجة اصبحوا مشحونين مستعدين للقيام بأي تصرف في سبيل تامين حصولهم على عمل لهم .

وقد وفرت هذة الحالة لمن يسعون لاثارة الفتنة فرصة لتسهيل تنفيذ مخططاتهم من خلال أستغلال ازمة المتعطلين لدفعهم للخروج الى الشارع لعل ذلك يؤدي الى صدامهم مع الحكومة والنظام .

وقد تصادف وجود اعتصام للمتعطلين عن العمل في مدينة العقبة وبأحد ميادينها ولا ادري من طرح عليهم فكرة الزحف الى الديوان الملكي سيراً على الاقدام باعتباره بيت الاردنيين ومقر جلالة الملك وكانوا وهم في مسيرهم يحملون الاعلام ويهتفون لجلالته . وعند وصولهم ابواب الديوان الملكي اعتصموا امامه، واعلنوا انهم لن يغادروه حتى يتم ايجاد عمل لهم وكانت غالبيتهم تطالب بتوفير العمل الحكومي باعتبار ان ذلك يوفر لهم الامن الوظيفي والراتب المضمون حتى وان قلت قيمته والتأمين الصحي وتقاعد في نهاية الخدمة ، وهي مطالب شرعية ولكن أمكانية تحقيقها لجميع المتعطلين عن العمل دفعة واحدة امراً مستحيلاً في جميع المقايس .

وقد خرج عليهم معالي رئيس الديوان الملكي واعلن لهم انه سيتم تجنيد من هم دون الثلاثين عاماً في الاجهزة الامنية ، ومن هم فوق ذلك سوف يوفر لهم عملاً بالتعاون مع القطاع الخاص بالعقبة .

الا ان ما عاب هذا الوعد انه صادر عن غير مختص باصداره مع كل الاحترام والتقدير لمعالي ابو حسن وان فيه اعتداءً على صلاحيات السلطة التنفيذية وتدخلاً باعمال الاجهزة الامنية والتي تبين لها بعد تدقيق الاسماء ان هناك من بحقهم قيوداً امنية تحول دون امكانية تعينهم فيها مما سيبقي مشكلة تعين عدد منهم قائمة وكما انه لا ضمانات بتعين من هم فوق الثلاثين في القطاع الخاص بالعقبة والذي قد لا يكون بحاجة لهم او لتخصصاتهم وخاصة مع ما يعانيه هذا القطاع من مصاعب اقتصادية .

وحتى لو تم تعين جميع متعطلي العقبة فأن ذلك يعني فتح الباب على مصراعية لاعداداً اخرى من المتعطلين عن العمل للمسير نحو الديوان الملكي والاعتصام هناك والمطالبة بالتعين اسوة بمن سبقهم وهذا ما حدث بالفعل حيث تجمع هناك أعدداً منهم مضى على بعضهم اكثر من اسبوعين وهم يفترشون الارض ويلتحفون السماء وسط البرد الشديد والمطر الغزير يطالبون الديوان بتعينهم حتى لو كعمال وطن حسب تعبير عدد منهم . لكن السؤال هو كم عامل وطن جديد يمكن أن يتم تعينهم في مدننا وقرانا فوق ما هم موجودين فيها ؟ وكم تستطيع الاجهزة الامنية ان تجند منهم وكم منهم يصلح للتجنيد فيها .

ثم لو تمت اجابة طلبات المعتصمين امام الديوان الملكي فكم ستبلغ اعداد العاطلين عن العمل الذين سوف يزحفون الى الديوان الملكي للمطالبة بتعينهم . وماذا ستكون ردود فعلهم اذا لم يتم تعينهم مثل الذين سبقوهم ؟

ان غالبية المواطنين يتعاطفون مع مطالب المتعطلين عن العمل ويطالبون الديوان الملكي والحكومة بتوفير عمل لهم وهم يعلمون ان الامكانيات لتحقيق ذلك محدودة ان لم تكن مستحيلة وان قيام الديوان الملكي بذلك مخالف لمطالبهم السابقة بأن تكون الولاية للحكومة وليست للديوان الا ان هذا التعاطف كان يزيد من جرعات الشحن لدي المتعطلين عن العمل حيث اخذ المعتصمون امام الديوان الملكي يهددون بالتصعيد وقام بعضهم بالاضراب عن الطعام ، فيما قام مواطنين من بلدة الحسينية باغلاق الطريق الصحراوي تضامناً مع مطالبهم وقام سكان معان بطرد موفدي الحكومة اليها من وزراء ومسؤولين والذين ذهبوا اليها لبحث فرص توفيرعمل للمتعطلين عن العمل فيها بل قام البعض بتهديدهم بأستعمال السلاح لتحقيق ذلك . فيما اعلنت مدن اخرى عزمها على القيام بما قام بة المواطنين في معان .

وبالرغم من ان المتعطلين عن العمل والمعتصمين منهم امام الديوان الملكي لا يزالون محافظين على سلمية حركتهم ولا يزالون يناشدون جلالة الملك ايجاد حل لازمتهم وتمكينهم من الحصول على عمل ليس بامكانه ان يوفره لهم بين ليلية وضحاها . الا ان الموضوع اصبح عبارة عن قنبلة معدة للتفجير في اي لحظة واذا انفجرت ستطال شظايا هذا التفجير الديوان الملكي ومن في الديوان الملكي لعدم تلبيته لمطالبهم . وبهذا يتم تحقيق الغاية الذين يسعون اليها وهي الايقاع ما بين النظام وما بين الشعب لاضعاف جلالة الملك وتمرير مخططاتهم للمنطقة . ولهذا فقد حذرت من الاعتصام امام الديوان .

واقول للمعتصمين كما يجب ان يقول لهم الجميع انكم اوصلتم صوتكم لأسماع جلالة الملك والذي اصدر تعليماته للحكومة بمعالجة هذا الوضع ، فعودوا الى مدنكم وقراكم وقابلوا اللجان الحكومية ولجان التجنيد والجهات المعنية بالتشغيل المهني والتي تسعى لتأمين اعمال لكم في القطاع الحكومي ان امكن أو في القطاع الخاص والذي هو الميدان الارحب للعمل ، وتحلوا بالصبر قليلاً حتى تتم معالجة قضاياكم ، واذا اردتم الاعتصام فاعتصموا في اي مكان الا الديوان الملكي وطالبوا الحكومة واجهزتها بتأمين العمل لكم فهذه هي مسؤوليتها وهي التي يجب ان تكون وجهتكم اليها.

واقول للحكومة ان تسارع بفتح ابواب العمل على مصارعها وان تستقطب المستثمرين وان تزيل معيقات الاستثمار واستغلال المستثمرين وتطفيشهم من البلاد . وان تنشط في عمل استثمارات جديدة وان تعمل على احلال العمالة الاردنية مكان المستوردة في الكثير من القطاعات ، وتخفيف الضرائب والرسوم على القطاع الخاص تشجيعاً لهم على استيعاب المزيد من العمالة الاردنية ، والتوقف عن التعينات الاسترضائية والتنفيعية وحصر كل التعينات بديوان الخدمة المدنية وتخفيف الأعباءات الضريبة عن كاهل المواطنين .

ان جلالة الملك يتواجد الآن في الولايات المتحدة الامريكية ويجري الكثير من المباحثات مع الكثير من المسؤولين الامريكيين واعضاء مجلسي النواب والشيوخ الاميركي ، واجزم ان الموضوع الرئيسي والاهم ان لم يكن الوحيد في هذه المباحثات هو ما يتعلق بصفقة القرن . فكونوا سندا له لكي يستطيع ان يصمد امام الأملاءات والحلول التي يحاولون ان يفرضونها علينا ، ولا تجعلوا من الاوضاع الداخلية عامل ضغط علية بل اجعلوها مصدر قوة له في هذه المباحثات . ولنكن جميعاً يداً واحدة متعاونة ومتحابة لكي نسير في الاردن الى بر الامان كما جاء في تغريدات صاحب السمو الامير حمزة ابن الحسين عندما قال ان الالم شديد والهم كبير و ان الخوف هو على الوطن ومستقبل ابنائه .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :