"شهادة المطابقة" في نظام الأبنية .. هفوة كيف مرت؟


الكاتب : المهندس عادل بصبوص

غريبة وعصية على الفهم والتفسير الفقرة التي تضمنتها المادة رقم (44) من النظام المعدل لنظام الأبنية والتنظيم في مدينة عمان الذي تم إقراره مؤخراً والتي تشترط تقديم شهادة مطابقة تنفيذ البناء من قبل المقاول .... نعم المقاول .... وليس المهندس المشرف، للحصول على إذن الإشغال، أما مصدر الغرابة ومبعث الدهشة فيعود إلى التعارض والتضارب التام مع نص مشابه ورد في قانون البناء الوطني رقم (7) لسنة 1993، ونصوص القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية تتقدم على نصوص الأنظمة التي يضعها مجلس الوزراء، حيث تنص المادة رقم (11) من هذا القانون على عدم منح أذون الإشغال إلا إذا تم تقديم شهادة مطابقة من الجهة المخولة بالإشراف والمصادقة عليها من نقابة المهندسين، فما قيمة ما ورد في نظام الأبنية قانونياً وعملياً في ظل وجود نص قانوني مخالف، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل هل فعلا مرت هذه الفقرة على ديوان الرأي والتشريع وكيف أجازها فقهاء الديوان وخبراؤه القانونيون، ماذا عن الإشكالات القانونية التي قد تنشأ عن قيام المهندس المشرف بإصدار شهادة مطابقة للمبنى وإحجام المقاول عن إصدار مثل هذه الشهادة أو العكس ...
هذا من الناحية القانونية، ماذا عن غياب المنطق ومخالفة المصلحة العامة في هذا الإشتراط، كيف يطلب من المقاول الذي أنشأ المبنى أن يصدر شهادة بأن المبنى قد تم إنشاؤه مطابقاً للتصاميم والمخططات وحسب المواصفات وكودات البناء المعتمدة، فإذا كان المقاول مخولا ومعتمداً لإصدار مثل هذه الشهادة.... ما الداعي إذن لوجود مكاتب هندسية تشرف على العمل، كيف للمقاول أن يكون خصماً وحكماً في ذات الوقت، حيث لا قيمة لأي شهادة لا يصدرها طرف مختص ومحايد... والمقاول بحكم المصلحة بعيد كل البعد عن الحياد، ألا يمثل ذلك تضارباً في المصالح ...؟؟
تقدم الجهات التي ترغب بإجراء تعديل على أي قانون أو نظام الأسباب الموجبة لمثل هذا التعديل، وهنا نتساءل ما هي الأسباب التي دعت لهذه "الإضافة"، فإذا كان المقصود من إصدار مثل هذه الشهادة تحميل المقاول سلامة البناء الذي أنشأه، فالقانون المدني ومن خلال الكفالة العشرية يلزم المقاول بتحمل مثل هذه المسؤولية لمدة عشر سنوات، ما الذي يلزم المقاول بتقديم شهادة المطابقة فور الإنتهاء من إنشاء المبنى .... ما الذي سيضمن عدم استغلال بعض المقاولين الموضوع للمماطلة في إصدار الشهادة لإجبار المالك/المستثمر على دفع مبالغ إضافية لا حق لهم بها ...؟؟؟ ..... ألا يشكل هذا المتطلب الجديد إضافة إجراء لا ضرورة له .... وسوف يؤدي إلى هدر المزيد من الوقت والمال بلا طائل ....
لدى تقليب الأمر على كافة وجهوهه .... لن تجد إلا مستفيداً واحدا من هذا الفتح العظيم ...فقط قطاع المقاولين ... وهذا يفسر بالطبع الفرحة الغامرة التي عمت هذا القطاع بعد إقرار هذه الإضافة ..... وتفاخر نقابة المقاولين بهذا المكسب الذي حققته لمنتسبيها والذي هو ليس أكثر من "تنفيعة" غير مستحقة .... ولكن على حساب من ....؟؟؟!!!!
ننتظر أن نسمع رأي نقابة المهندسين في هذا التعديل الذي يمثل تغولا صارخا على مهامها وصلاحياتها، كما ننتظى تفسيرا منطقيا ومقنعا لهذا الموضوع من قبل كل من أمانة عمان الكبرى وديوان الرأي والتشريع يدحض ما زعمناه آنفاً .... أو الإعتراف بالخطأ والمباشرة الفورية بالإجراءات اللازمة للتراجع عن هذا التعديل الذي سوف يتسبب في إشكالات عديدة نحن في غنى عنها، أما التلكؤ في ذلك فسوف يعني الإصرار على إبقاء قنبلة موقوتة في نظام الأبنية سوف يتكرر انفجارها ...... وستطال شظاياها الكثيرين .....




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :