فكرة بقلم: د. ميرفت سرحان


سلسلة في آخر الأسبوع خاطرة
فكرة

كنت أطلب من طالباتي أن يحضرن قلمًا وورقة ويكتبن سؤالًا في أعلى الصفحة .. نصه: "مَن أنا" .. وتحتار بعضهن لأنهن لم يفهمن الفكرة .. فأفسر لهن: تخيلي أنكِ تقفين أمام المرآة فمن هذا الشخص الذي ترينه أمامك .. ماهي سماته؟؟ ما هي خصائصه؟؟ .. ثم أطلب منهن أن يجبن عن السؤال ويحتفظن بالورقة .. وبعد سنة يقفن أمام المرآة مرة آخرى ويجبن عن نفس السؤال على ورقة جديدة .. ثم يقارن التغيرات التي حصلت بين الورقتين .. ويكررن الموضوع كل سنة .. وكانت الاجابات تتدرج بين الحديث عن المعلومات الشخصية من اسم وعمر وغيرها .. ثم تنتقل للخصائص والسمات الجسدية .. ثم الهوايات والرغبات .. ثم المشاعر والأفكار .. وتتطور لغيرها ..
ونكبر وتمر بنا السنين .. وتتغير الظروف من حين إلى حين وتكثر وتتبدل في حياتنا الأحداث فحينًا تكون حزينة مؤلمة وتارة موجعة، وفي أحيان اخرى تضحك لنا الدنيا بملىء فيها .. ويتعدد من حولنا الآخرين فنصادف مرة أشخاصًا حاقدين وآخرين مستفزين، ولا يهتم لوجودنا آخرين .. ثم لا تخلو حياتنا من أناس طيبين .. فتشكل ردود أفعالنا تجاه ما نمر به من أحداث وخبرات شخصية لنا نتميز فيها عن غيرنا ..
ومع كل ذلك فنحن كثيرًا ما نعتقد أننا نعرف خصائصنا وأننا قادرين على ذكرها .. وكثيرًا ما نعتقد أننا نفهم أنفسنا ونعرف وصفها ..
إلى أن يحين وقت نختبر فيه هذه المعرفة بموقف لم ندبره نحن أو نخطط له .. بل قد نكون ملزمين عليه .. فتراودنا أفكار لم نكن نؤمن بها .. ونتصرف بطريقة مختلفة عن وصفنا لأنفسنا .. وتختلط مشاعرنا لتدلنا على مخاوف وآلام وأوجاع لم نكن نتخيل أنها تخصنا أو أننا نحملها .. فيتغير ما كنا نعتقد أننا نعرفه عن أنفسنا .. وقد يلزمنا أن نقف أمام المرآة مرة آخرى .. ربما لا يكون انعكاس صورتنا هذه المرة بطريقة مشوهة ..
كنت ارتشف فنجانًا من القهوة فخطرت ببالي فكرة .. لو عاد الحجر مرة اخرة .. ماذا كنت ستخبىء عندك في الحجرة .. قلم وأجندة .. أم نقود وخزنة .. أم ستخبىء طحين وخميرة .. أم تحتفظ بجهاز مشي ودرجة .. أم ألوانًا وريشة .. وربما تعانق بين أضلعك مصحفًا وسجادة .. أم تكتفي بسرير ومخدة .. أو أشياءً آخرى .. أم أنك لن تخبىء شيء بالمرة .. قد يخبرك ما ستخبئه في حجرتك كيف ستبدو انعكاس صورتك في المرآة .. هذه مجرد فكرة ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :