البيروقراطية الإدارية إلى متى؟ عوض الصقر


إذا اضطرتك الظروف إلى مراجعة إحدى الدوائر الحكومة أو المؤسسات العامة لانجاز إحدى المعاملات الرسمية فإنك قد تحسب ألف حساب لذلك اليوم وعليك أن تبدأ بعملية الإتصال بصديق أو البحث عن «واسطة» لتسهيل عملية إنجاز معاملتك وبغير ذلك فإنك ستدخل في نفق التعقيد والتسويف غير المبرر.
واقع مؤسف ومؤلم برغم تأكيدات المسؤولين بانسيابية الإجراءات ورشاقتها وسرعة إنجاز المعلاملات والتسهيل على المراجعين حفاظا على جهدهم ووقتهم ومالهم..الخ.
هذا ما حصل معي بالفعل ففي شهر تموز/يوليو من العام 2017 رخصت مركزا غير ربحي من دائرة مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة وبعد ثلاث سنوات قررت شطبه بالطرق القانونية لعدم جدوى تشغيله.
أعطاني الموظف المختص في دائرة مراقبة الشركات قائمة بالدوائر المطلوب إحضار براءة ذمة منها. ومن هنا بدأت رحلة المعاناة ففي إحدى الدوائر مكثت المعاملة 21 يوما حتى أحصل على براءة الذمة منها أكثر من أسبوع بسبب غياب مديرها في إجازة.
يحصل هذا بالرغم من تأكيدات الحكومة المستمرة برشاقة إجراءات الخدمة العامة وانسيابيتها.
لقد أحسنت الحكومة صنعا عندما استحدثت وظيفة «المتسوق الخفي» قبل عدة سنوات الذي حفز الدوائر والمؤسسات الحكومية لتسريع وتسهيل الإجراءات بالتركيز على الجوانب الإنسانية والسلوكية، لكن يبدو أن هذا المتسوق أصابه الترهل أيضا.
وهناك يجب التأكيد على ضرورة استحداث الإجراءت التشريعية والرقابية اللازمة ووضعها موضع التنفيذ الفعلي لمعاقبة كل من يقصر أو يتلكأ في عمله وأن ينزل مديرو الإدارات الخدمية إلى الميدان للاستماع الى ملاحظات المراجعين بشكل مباشر.
كما يجب على الحكومة أن تنفذ حملات إعلامية شاملة في وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي المختلفة لتوعية الموظف العام بأخلاقيات الوظيفة العامة وأدبيات التعامل مع المواطن والمراجع وعلى الموظف أن يدرك أنه موجود لخدمة ذلك المواطن الذي لولاه لما كان هناك مبرر لوجود ذلك الموظف.
كما يجب عقد دورات توعوية لموظفي الدوائر الخدمية في القطاع العام بمشاركة خبراء في علم الإجتماع وعلم النفس والسلوك حول سبل التعامل مع المراجعين بما يحفظ إنسانيتهم وكرامتهم وحقهم لإنجاز معاملاتهم وفقا للقوانين والتشريعات النافذة.
أعجبني تصريح رئيس ديوان الخدمة المدنية مؤخرا والذي أكد فيه بأن الديوان قام بتطوير إجراءات اختيار الموظفين حيث أصبحت تعتمد بالكامل على الخبرات العملية والكفايات المهنية والشخصية بما يؤدي إلى ترشيق الخدمات وسرعة إنجاز المعاملات التي يقوم بها موظفو القطاع العام.
وأشير هنا إلى أن خبراء علم النفس والإجتماع يرون أن من أسباب الترهل الإداري تعيين موظفين بالواسطة والمحسوبية وبالتالي ينتابهم الشعور بالنظرة الاستعلائية وأنهم يحظون بدعم قوى متنفذة وبالتالي لا يجرؤ أحد على مساءلتهم.. اللهم غير حالنا إلى أحسن حال, والله المستعان..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :