خطايا بايتة بقلم : طلعت شناعة.



كنا بالطريق إلى منزل الشاعر حيدر محمود .. عندما أشار صديقي " الثعلب الفضيّ " إلى " مَطعم " لبيع الفول والحمّص والفلافل...وأخذ " يشرح باستفاضة عن جودة الفول ، حصريّا .
كنتُ أستمع فقط.. لسببين :
الأول أنني لا أستطيع معارضة صديقي .. خاصة في موضوع الأكل.. فهو " استاذ ورئيس قسم " وعاش فترة " عزوبيّة " اطول من تلك التي عشتُها انا.
فهو .. خبير بالتأكيد.
السبب الثاني ، أنني لم احسب حسابي .. ولم يكن معي " فلوس "..
وفي ختام الزيارة .. رجعنا نفس الطريق..
وتوقف صاحبي عن " المطعم ".. وسألني بمودّة لم أستطع مقاومتها :
اجيبلك معي فول وحمّص.
قلتُ له : بس انا مش حامل فلوس.. اذا مُصرّ ، جيب وبكرة باعطيك.
وضع اصبع على فمه في اشارة الى ان " أصمُت " وقال محذّرا " عيب تحكي.. هالحكي ".
واتجه إلى المحل وتركني في السيارة.
اخذتُ أراقب من بعيد وأتخيّل الحوار مع صاحب المطعم.وعادة ما ياخذ الشكل " الثقافي والفني الراقي " وهي عادة أغلب المثقفين عندما يذهبون للشراء.. فيسألون مثلا : عندك فول جيّد ؟
او يجاملونه قائلين : علمنا أن لديك فولاً.. راقياّ !
إلى آخر المجاملات.
وبذلك يكسبون ودّ صاحب المحل الذي نادرا ما يتعرّض لهكذا كائنات .. تبالغ في اللّطافة.
وانا بالانتظار ، أشار " حاتم السيد " ان انزّل نافذة السيارة.. وسألني: بدك الفول ، مصري والاّ .. عادي ؟
طبعا الفول المصري يضاف إليه شيئا من الطحينة ..بينما الفول العادي بدون طحينة.
قلت له " عادي ".
وبعد دقائق... عاد يسألني : بدّك فلافل ؟
قلت " شكرا .. لا ".
وصلتني كلمات صديقي لصاحب المطعم مشيرا اليّ وقال : هذا صديقي الصحفي طلعت شناعة .. أكيد بتعرفه ؟
هزّ الرجل رأسه موافقاً وهو يسكب الفول في العلبة البيضاء.. مرددا: طبعا.. طبعا !
جمع صاحب المطعم ما طلبه صديقي الثعلب الفضي ووضعها " كيسين " منفردين.
عندها لم يبق َ الاّ ان يقوم صديقي بدفع المبلغ.
واخذ يتحسس جيوبه .. واحدا بعد الآخر.بادئا بجيب القميص ثم البنطلون .. الجيوب الخلفية والأجنبية وشعرتُ بحرَج صديقي بعد أن نسي نقوده في جيوب " الدشداشة " التي كان يرتديها.
لم يكن وضعي أفضل منه ، فلم اتدخّل وتركتُ حاتم يواجه .. مصيره بنفسه.
كان موقفا مُحرِجاً ، وشعرتُ ان رأس حاتم " الأبيض " قد نبتت فيه شعرات (سوداء) من شدّة الخجَل ، بينما اخذ صاحب المطعم يخفف عنه قائلا " بسيطة استاذ ، بتحصَل وما تهتم وهاي كرتي عليه تلفوني .. بكرة بتجيب الفلوس.
وعاد " الثعلب الفضي " وشعرتُ انه تحوّل إلى " ارنب " فضي.
.. خطاياااا




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :