مرآة الوباء بقلم: فيصل السلايطة



مرآة الوباء بقلم :
فيصل رياض السلايطة

منذ أن بدأ وباء كورونا العالمي ينتشر في العالم بشكل عام و الأردن بشكل خاص و نحن نشهد يوميا قرارات حكومية مختلفة , فتارةً نرى في هذه القرارات حكمة كبيرة و تارة أخرى أقل ما يقال عنها أنها متخبّطة و متناقضة بشكل كبير و في كثير من الاحيان تعكس هذه القرارات لوغراتيمية الثقافة الأردنية التي في الغالب لا تكون صحيحة و صحيّة .
فعلى سبيل المثال عندما يتم اتخاذ قرار باغلاق الصالات الرياضية و المسابح بذريعة الحفاظ على صحة المواطنين و تجرى في الوقت ذاته الانتخابات النيابية في موعد حرج أو حتى تبقى المطاعم مفتوحة أمام الزوار فهذا قرار يعكس ثقافتنا المحلية و طريقة تفكير الحكومة التي في المحصلة تعكس ثقافة شعب , فإن حكّمنا المنطق بمن أكثر فائدة للمواطنين ما بين المطاعم و اجراء الانتخابات من جهة وبين الصالات و النوادي الرياضية , فبالتأكيد الصالات الرياضية ستكون المكان الأفضل الذي يستطيع المواطن من خلاله الحفاظ على الصحة الجسدية و النفسية معا , هذا عدا عن التأثير الاقتصادي على اصحاب النوادي الرياضية عندما يتخذ قرار بتعليق عملها , بينما سيكون القرار اقل ضررا على اصحاب المطاعم عندما يستعاض عن فتحها أمام الزوار بتفعيل خدمة التوصيل عن بُعد .
لو أن الحكومة قد عممت باغلاق جميع الاماكن التي قد يحدث فيها ازدحامات لكانت المقارنة معدومة و عندها سيتصف القرار بالمنطقية حتى و إن أثر اقتصاديا على قطاعات كبيرة , لكنه في المجمل سيتسم بالشمولية الصارمة في اتخاذ القرار , ولكن اذا اخذنا نظرة سريعة خاطفة على الشارع الاردني سنرى ازدحامات كبيرة أمام البنوك و فروع شركات الاتصالات بشكل كادت تصبح فيها هذه الاماكن بؤر توزّع المرض على مرتاديها من المواطنين ,و على الجهة الاخرى أجرت الحكومة الانتخابات النيابية بالرغم من المطالبات الشعبية بتأجيلها خوفا من ازدياد حالات الاصابة , و هذا ما نشهده اليوم على ارض الواقع كنتيجة للتسيب الكبير المُخزي الذي وقع عقب اعلان النتائج .
هذه التناقضات في اتخاذ القرارات لم تكن وليدة اليوم بل هي سلسلة لقرارات متخبّطة مورست من قبل حكومات متعاقبة في الاردن , فهذا الوباء لم يفعل شيئا سوى تعرية طريقة تفكيرنا و كانّه اصبح مرآة تصدمنا مشاهدة الواقع من خلالها , نبحث فيها عن المنطق الذي في الغالب شُيّع الى مثواه الاخير .
نتفهم جيدا بأن اقوى الدول في العالم قد وقعت فريسة للارباك الذي سببه هذا الوباء المفاجئ غير المتوقع أو حتى غير المخطط له , لكن هذه الاشهر التي مرّت كانت كافية لوضع رؤية جيّدة منطقية لكيفية اتخاذ القرار بشكل صحي بعيد عن التخبّطات أو الشعور العاطفي احيانا , هذه التناقضات في الاداء الحكومي نستطيع بسهولة لمس نتائجها على المستوى الشعبي ، فالمواطن أصبح في حيرة من أمره عندما يطرح هذا الموضوع , فالبعض ينكر حقيقة هذا الوباء و يكذّب وجوده و هنا تلام الحكومة عندما تُصّدر لنا على الشاشة أشخاصا غير مدركين لكلمة المسؤول على الشعب ليصبح هذا الوباء اضحوكة في عدة حوادث عوضا عن جعله مصدر يحث على الالتزام و الوقاية , و بعض القرارات المتخبطة اخرجت فئة باتت تؤمن بأن هذا الوباء هو سلاح خفي ليُحارب من خلاله الدين و يُضيّق الخناق على دور العبادة , و ما بين هذه الفئة و تلك يقع المواطن الملتزم الواعي ضحية لكونه فئة بسيطة ضمن فئة كبيرة غير ملتزمة وواعية .
ما نستطيع استنتاجه ؛ هذه الفترة و بعد أشهر من الصراع مع هذا الوباء أن مشكلتنا في الاردن ليست قلة الموارد الطبيعية , ولا حتى ضعف الامكانيات او الاقتصاد غير القوي , بل مشكلتنا الاساسية هي ضعف المنظومة الحكومية التي تصدر من خلالها القرارات المصيرية , فتوافر المال ليس العامل الرئيسي لنجاح أيّ دولة , بل التنظيم و تحكيم المنطق على العاطفة و مبدأ الفزعات هو من يُنجح أي دولة مهما كانت امكانياتها محدودة .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :