«القطّ والفار» .. صراع ازلي بقلم: طلعت شناعة




كما هي عادته ، يستلهم صاحب قصة فيلم « القط والفار « الكاتب وحيد حامد أفكار أعماله من أوجاع الناس المقهورين والغلابى.

ولا أدري إن كان هذا الفيلم هو ( آخر ) أعمال السيناريست الذي رحل عن دنيانا تاركا رصيدا طيبا من الأفلام المهمة.

وهذا لا يجعلنا ننكر مؤلف القصة عبد الرحمن فهمي وبطبيعة الحال المخرج تامر محسن وأبطال الفيلم محمود حميدة ومحمد فرّاج في « أول « دور كوميدي له والنجمة السورية سوزان نجم الدين والفنانة سوسن بدر وباقي الفنانين المشاركين.

وقد استغربتُ لجوء المخرج وربما المؤلّف ( لاستنساخ)

شخصية « مستر بين « التي جسّدها بحرفية عالية الفنان محمد فرّاج..

تدور أحداث فيلم « القط والفار « وكما هو عنوانه حول فكرة المطاردة الشهيرة بين « توم وجيري «.. مع اللعب والاستفادة من اسم (عباس / القط ).. الفنان محمود حميدة الذي يقدم شخصية ( وزير الداخلية) ملامحه الصارمة والجادّة . وقريبه الشاب « الغلبان والبسيط ( حمادة / الفار )...

مع المقارنة لين قوة وجبروت « القط « / الوزير و ( الفار ) الشاب الضعيف ابن الحارة الشعبية.

وفي قالب من الكوميديا والإثارة، يخوض الشاب الفقير حمادة الفار (محمد فراج) الذي يعمل كعامل نظافة بمؤسسة الأهرام صراعًا محمومًا مع وزير الداخلية (محمود حميدة) بكل السلطة التي يملكها،حيث يحاول (حمادة) الوصول ل « جثة « والدته الفقيرة (ألطاف) التي توفيت في( منزل) وزير الداخلية وتربطها علاقة قرابة ( بنت عمّه ) مع الوزير ، حيث يرى كل منهما أنه هو الأحق بإقامة جنازة لها.

و ينتقد الفيلم ، السلطات الأمنية ممثلة بشخصية وزير للداخلية الذي « يسخِّر الوظيفة العامة لطلباته الخاصة، ويلاحق مواطنا عاديا دون وجه حق، في إطار من الكوميديا السوداء.

الفنان محمود حميدة برع في تجسيد وزير الداخلية الذي يستعد لإقامة حفل خطبة ابنته « الدلوعة « ويدعو للحفلة « عِليَة اليوم « وكبار الشخصيات .. ولكن يحدث مالا يتوقعه وهو موت ابنة عمه في بيته .. وهو ما تخبره به زوجته / الفنانة سوزان نجم الدين التي أدت دورة المرأة البرجوازية القويّة..

الامر الذي ترك الوزير موزعا بين ( الرغبة في حضور خطبة ابنته) ، أو ( المشاركة في عزاء ) ابنة عمه رغم انه كان يتجاهلها وابنها طوال حياتها. ورأى بعض النقاد ، ان السيدة المتوفاة التي تؤدي دورها سوسن بدر (ترمز إلى مصر الموزعة بين السلطة ممثلة بوزارة الداخلية، والبلطجية، والمواطنين العاديين ).

وينتهي الفيلم بإقامة « جنازتين اثنتين « إحداهما جنازة للمرأة الحقيقية وهي جنازة « شعبيّة « ، حضرها أهل الحارة ، والثانية « جنازة لكبار الشخصيات في مدافن راقية.

الفيلم مليء بالكوميديا « السوداء « وبالطبع يتعاطف المُشاهِد للفيلم مع « الفار « ومع الناس الغلابة.

حكاية القط والفار او توم وجيري .. سوف تستمر ما دام هناك أقوياء وضعفاء..

كم في الحياة « قطط « و « فئران «..!!!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :