المعشر .. صفقة القرن تُنفذ على الأرض بدون إعلان


عمانيات - اكد مروان المعشر، نائب رئيس مؤسسة كارينغي للدراسات، ووزير خارجية الأردن السابق، أن إجراءات صفقة القرن انطلقت وجرى فرضها على الأرض، سواء تم الإعلان عنها أم لم يتم.

ويرى المعشر، خلال جلسة حوار عقدتها مؤسسة كارينغي في بيروت، أنه ربما سيكشف عن مضمون الصفقة بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وربما يرحل موعد الإعلان الرسمي إلى وقت لاحق، لأسباب شتى، منها الدخول في سنة الانتخابات الرئاسية الأميركية.

واستعرض المعشر ما أسماه “الملامح الكارثية” لصفقة القرن، وأبرزها “نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ووقف الإدارة الأميركية تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وإعلان الولايات المتحدة قبولها لضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى إسرائيل، قبل أن تقدم إسرائيل نفسها على هذا الإجراء، وضم مناطق لا يستهان بها من الضفة الغربية إلى إسرائيل من خارج المستوطنات”.

وأكد بأنه هذه الخطوات التي سبقت الإعلان عن الصفقة “كشفت أن عملية التنفيذ قد بدأت، على رغم أن مضمونها قد جرى تسريبه بشكل غير رسمي، والذي يقوم على مقايضة الحقوق الفلسطينية والعربية بالمال”.

وقال: “الصفقة تحاول أن تطرح بديلا اقتصاديا، في مقابل إنهاء فكرة الدولتين، والحل النهائي وقضايا اللاجئين”.

ويلفت المعشر إلى أن “الطرفين الأردني والفلسطيني لا يمكن أن يوافقا عليها، حتى لو أرادا القبول، وهذا غير وارد، كما يؤكد، فإن البديل المالي المطروح كبديل عن الحقوق، غير مقنع”.

ويوضح بأن “هناك حديثا عن خمسين بليون دولار موزعة على عشر سنوات. وسبعين في المئة من هذه الأموال هي قروض وليست منحاً، وبالتالي فإن الحديث هو عن خمسة عشر مليار دولار موزعة على خمس دول (إسرائيل، مصر، فلسطين، الأردن، لبنان) وعلى السنوات العشر”.

ويشير المعشر الى أن “حصة الفلسطينيين السنوية من هذه المنح، 800 مليون دولاراً سنوياً. والأردن في أحسن الأحوال 300 مليون دولاراً سنوياً”. منبها إلى أن الأردن اليوم “يصله نحو مليار ونصف مليار دولار كمساعدات من واشنطن”.

وفي سياق شرحه لمخاطر هذه الصفقة ولاسيما على الأردن، يشير المعشر إلى أن “هناك محاولة أميركية-إسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن”، لافتا إلى أن “الحل الأردني” ليس جديدا وكان مطروحا في عقود سابقة، لكن معاهدة وادي عربة، أجلت هذا الموضوع، وأن الأردن اعتقد بأن المعاهدة أنهت هذا الطرح، لكنه عاد يطل برأسه اليوم”.

وأضاف: “إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية، وباتت تقول ذلك بوضوح اليوم، وإذا كانت إسرائيل لا تريد حل الدولتين، ولا تريد أغلبية فلسطينية على الأرض، فإن ثمة مخاوف جدية لدى الأردن من قيام إسرائيل بعملية ترنسفير للفلسطينيين”.

وحول احتمال حدوث عملية الترنسفير الجماعي للفلسطينيين، قال: “عدد السكان الإسرائيليين في كل فلسطين التاريخية هو 6,5 ملايين بينما يبلغ عدد الفلسطينيين في هذه المساحة الجغرافية التي تضم إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة هو 6,6 ملايين”.

وبحسب المعشر، كان باعتقاد الجميع أن عملية الترنسفير الجماعي للفلسطينيين لم تعد واردة في عالم، “لكن بعد الأزمة السورية لا نستطيع أن نقول ذلك. لقد أمكن اقتلاع أكثر من ستة ملايين سوري من أراضيهم، وهذا مثال أمام الجميع ويمكن أن يتكرر مع الفلسطينيين”.

ويعلل المعشر الموقف الأردني الرافض للصفقة بأسباب منها “أنها تشكل تهديداً وجودياً للأردن، وبالتالي الموقف الشعبي والرسمي متطابقان لجهة الرفض”.

وفي رده على سؤال إن كان يمكن للأردن أن يصمد في وجه الضغوط الأميركية على هذا الصعيد؟ يجيب المعشر: “نعم يمكن له، وهناك سابقة أن الأردن وقف في وجه الإدارة الأميركية في حرب الخليج الأولى لأنه شعر أن هذه الحرب تهدد وجوده”.

ويذهب المعشر إلى أن رفض صفقة القرن، هو رفض فعلي من الطبقة الحاكمة في الأردن، “فهي تهديد للهوية الشرق أردنية، التي لا يريد أبناؤها أن يتحولوا إلى أقلية. كما أن الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية لا يريدون التخلي عن القدس”.

ولفت إلى أنه “ليس هناك أي مغريات تدفع أي أردني وعلى رأسهم الملك بالقبول، لا مغريات اقتصادية ولا سياسية ولا حتى أمنية”.

ويختم المعشر في تناوله للأردن بقوله: “الحل في المملكة سياسي إذا أراد الصمود في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها، فلا بد أن تكون الجبهة الداخلية متماسكة، وهذا يتطلب من السلطات المزيد من فتح الفضاء السياسي والفضاء الداخلي”.

وشدد المعشر على أن القضية الفلسطينية لم تعد أولوية لدى دول الخليج، مع بروز الخطر الإيراني، لكنه استبعد أن تقوم السعودية بالموافقة على صفقة القرن، معتبرا أن المملكة لا يمكن ولأسباب داخلية وخارجية أن تقف موقفا مغايرا لمطلب الفلسطينيين في الحق بدولة فلسطينية عاصمتها القدس.

ويلفت المعشر إلى أن حل الدولتين مشروع انتهى منذ زمن، هناك 650 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ونحو 200 ألف إسرائيلي جانب الخط الأخضر في الضفة الغربية، متسائلا: “هؤلاء من سيخرجهم؟”.

ويعتقد “أن الجيل الفلسطيني الجديد في الضفة الغربية، فقد ثقته بالقيادة الفلسطينية، السلطة وحتى حركة حماس، والغالبية لا تريد الحديث عن الحل، بل تركز على حقوق الفلسطينيين”.

ويرى أن “الفلسطينيين هم من بين العرب الوحيدون، الذين يرفضون خيار الهجرة، فرغم تضاعف نسبة العرب الراغبين بهجرة بلادهم نحو دول أخرى بعد العام 2011، فإن الفلسطينيين في الضفة الغربية حافظوا على النسبة نفسها”.

ويختم معشر في هذا السياق، بالإشارة إلى أن “حماية الديموغرافيا الفلسطينية هي الأولوية اليوم، والتي يمكنها المساهمة في دعم بقاء الفلسطينيين على أرضهم”.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :