عيد سعيد .. قبل وبعد .. بقلم د.ميرفت سرحان


سلسلة في آخر الأسبوع خاطرة
عيد سعيد .. قبل وبعد ..

عاش عمره متمتعا بالعافية وبصحة جيدة .. فقد كان ممتلىء الجسم ثقيل الوزن .. لكنه لا يعاني من السمنة فقد كان نشيطا مفعما بالحيوية والحركة .. إلى أن صادف مركز كورنا للخدمات الصحية التجميلية .. فأقنعه أخصائيو المركز بأن عليه أن يجري عمليات قص وتكميم وتغيير للمجرى حتى يحافظ على صحته .. وليبدو في ذات الوقت أكثر جمالا ورشاقة .. وأصر الأخصائيون على العيد أن لا يغادر المركز حتى يجري ما تقرر له من عمليات .. وتم بالفعل والتقطت له صور قبل اجراء العملية على أن تؤخذ له صور آخرى بعد اجرائها لتتم المقارنة بينهما كدليل على نجاح الجراحة المنشودة ..
وأظهرت الصورة القبلية شكل العيد كالتالي: الاستيقاظ على أصوات تكبيرات العيد من سماعات المساجد .. ورائحة القهوة السادة مع كمشة هيل تنتشر في أرجاء المنزل .. وملابس العيد الجديدة بألوانها الزاهية وقصاتها الخلابة المصفوفة على السرير والتي تمنع صاحبها الصغير من النوم لأنه يتنتظر بلهفة أن تشرق شمس النهار حتى يرتديها .. وضجيج استيقاظ أهل المنزل .. وتسارعهم وكأنهم في خلية نحل من استحمام وتبديل ملابس إلى محاولة الالتحاق بصلاة العيد .. ومن ثم الخروج من المنزل والجميع يخبر ويتحدث ويعطي التعليمات والاقتراحات بتداخل غير مفهوم لجميع الأصوات متوجهين للصلاة .. وفي الشارع يعرض من يركب السيارة على من يسير على قدميه أن يقله معه إلى المسجد .. وأصوات التكبيرات والتهليلات من جديد وكأنها دليل السير في الاتجاه الصحيح إلى مسجد الحي .. تسليم المصلين على بعضهم البعض وتهنئة كل منهم للآخر بعبارة "عيد سعيد" وكأنه يوم عيد خاص لكل منهم .. تأدية الصلاة وسماع خطبة العيد والخروج من المسجد والمصافحة من جديد والعودة إلى المنزل .. ثم ذهاب الأباء والأولاد للأرحام والعمات للتهنئة بالعيد .. وبقاء الأمهات والبنات في البيت لاستقبال الأرحام والأخوال لتهنئتهم بالعيد وتفريحهم بالعيدية .. ثم تجمهر أفراد العائلة في المساء لتقرير خطة قضاء سهرة العيد بمراجيح وأماكن ألعاب وترفيه للأطفال ..وتجمعات وعشاوات وسهرات للكبار ..

أما بعد اجراء العملية فهكذا ظهرت صورة العيد: الاستيقاظ على قلوب وألسن تلهج بأصوات التكبيرات والتهليلات البيتية .. وصلاة عيد منزلية .. والسؤال والاطمئنان عبر الهاتف عن الأرحام والأحباب والأصدقاء .. وتمنيات لهم بأن يكونوا غير محجورين ولا معزولين .. وارسال التهاني والتبريكات لعيد سعيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة .. وقضاء يوم نوم بامتياز ..
وفي سهرة العيد قنوت وصلوات ودعوات لرب السماوات ليغفر الخطايا ويتجاوز عن الزلات .. وأن يعيد العيد في الأعوام القادمات في حال أحسن مما كان عليه في الأعوام السابقات .. وأن لا يعيده أبدًا كهذا العام ..

نعم .. نجحت جراحيًا عملية تخسيس العيد لكنها تركت أثارا جانبية قاسية .. فجعلته نحيلًا ليس نحيفًا وباهتًا ليس رشيقًا .. فلا طال صحة ولا جمال ..
فرحماك يا رب العيد أن تعيده علينا "عيد سعيد" ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :