غراب البين بقلم:الدكتورة ميرفت سرحان


سلسلة شخصيات من هنا وهناك .. مجرد وجهة نظر .. بقلم الدكتورة ميرفت سرحان
شخصية "غراب البين" ..

كانت رُبى تجلس على مكتبها حين جاءت "نحوسة" .. وبعد التحايا بينهن .. قالت "نحوسة": يا إلهي ما بك يا رُبى؟! .. لا شيء؛ ردت الفتاة .. ولكنك تبدين شاحبة، "وجهك أصفر متل الليمونة!، اطلعي على المراية شوفي السواد الي تحت عيونك" .. أنا بخير قالت رُبى .. "أي لا لا؛ ولا يمكن، يا مريضة، يا حدا مضايقك، يا زعلانة من شغلة" .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. ثم عدلت "نحوسة" مكان كرسيها، وجلست، وهي تتمتم: "مسكينة أبصر شو مالها، ما حدا خالي، يا الله لعله خير" ..
في هذه الأثناء مرَّ المراسل أبو سعيد، برفقة أحد الموظفين وكان يقص عليه خبر رسوب ابنه في بعض امتحاناته الجامعية .. تدخلت "نحوسة" دون سابق إنذار قائلة: "والله يا أبو سعيد هذا ابنك ما أظن يفلح، طلعه من هالجامعة وشوفله شغلة، بلكي ساعدك بمصروف هالبيت، ولا تواخذني هو حتى لو ساعدك، مهو المسخم مسخم .. طلعه، طلعه" .. وتابعت قضم حبة "البيتي فور"، وهي تتمتم: قال أبو سعيد قال، منين بدها تجيه السعادة هالمسكين؟!" ..
وصلت "نحوسة" المطعم .. وكانت صديقتاها في انتظارها .. وعندما اقتربت منهما كانت ليلى تبكي بحرقة .. سألتها "نحوسة" عن السبب .. فذكرت لها كيف اكتشفوا أن أختها تعاني من أحد الأمراض .. قالت "نحوسة" بعد شهقة طويلة: "يا حرام، يا حرام .. والله زوج خالتي بعد ما خبروه إنه عنده هذا المرض، انتكس فجأة، وما طول بعدها، يا ويلي عليه راح صغير هالمسكين، يلا بعينكم الله" .. تناولت قائمة الطعام وهي تتمتم: "هي حال الدنيا، ما حدا مخلد" ..
عندما تجالس بعض الأشخاص .. تشعر بأنك تتابع واحدة من تلك القنوات الفضائية التي أخذت على عاتقها أن تبث ذلك النوع من الأنباء المفبركة، والأخبار الملفقة، والأحداث المفتعلة .. وبالتحديد تلك المكونة من الوجع والشدة، والممزوجة بالضيق والمشقة .. والمغلفة بدخان أسود قاتم، يشبه ليلًا حالك الظلمة ..
فيا "نحوسة" وأمثالها .. نقول لكم أنا ورفاقي: نحن نعي أفعالكم نحونا، ونفهم ما تمارسوه علينا، وندرك ما تبثوه في أنفسنا من طاقة سلبية .. لذا؛ حتى وإن غافلنا غروب الشمس مرةً فجأة .. وشعرنا بالوحشة والغربة .. ولم يبق في الفضاء سواكم .. فلن نحول وجهتنا نحوكم، لنشاهد أو حتى نستمع إلى قناتكم .. بل، سوف نصالح الليل .. وسنتعلم فن السهر .. ونستمد الدفء من ضوء القمر .. ونستقي من هدوء الليل سكينة تنعكس طمأنينة في أرواحنا .. سوف نراقب النجمات لنهتدي بها في ظلمة الطريق .. وتقودنا في مسيرنا نحو مكان ولادة الفجر .. فجر جديد: ترتسم ابتسامة الأمل على محياه .. وينبثق أول شعاع شمس من جبينه .. وتؤذن شفتاه لتخبرنا بأن الليل قد انجلى .. ووقت الشروق حان .. فهذه سنة الله في كونه لا نهار يبقى ولا ليل يظل وإن طال ..
لذا؛ إما أن تراجعوا محتوى برامجكم .. وتغيروا إعداد منهجكم .. أو أزيلوا أقماركم .. وانقلوا محطتكم بعيدًا عنا، فلا يناسبنا الاشتراك بها ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت …." ..
وقال صلى الله عليه وسلم: "يَسِّروا ولا تُعَسِّروا، بَشِّروا ولا تُنَفِّروا" ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :