العصبي بقلم:د.ميرفت سرحان


سلسلة شخصيات من هنا وهناك .. مجرد وجهة نظر .. بقلم الدكتورة ميرفت سرحان
شخصية العصبي ..

في واحدة من الجلسات التي حضرتها مع مجموعة من الجارات لأحد الأحياء .. والتي طالت فيها الأحاديث والأخبار .. دار بينهن الموضوع التالي: كيف حال زوجك يا أم صابر؟، سألت احدى الجارات .. أم صابر: بخير .. قالت الجارة: البارحة مرَّ أبو صابر على بقالتنا، وكان يريد شراء زجاجة ماء .. ناوله ابني الزجاجة .. فهب صارخًا في وجه الفتى: ما هذه الخدمة السيئة، ألا يوجد لديكم أكياس تضعون الحاجيات فيها؟!، .. فقال له الفتى: عفوًا، يا عم؛ ولكني اعتقدت أنك تريد أن تشرب منها الآن .. رمى النقود على الطاولة وهو يتأفف ويقول: هذه المرة الأخيرة التي أشتري فيها من هذه البقالة البائسة .. قالت أم صابر: هكذا هو أبو صابر عصبي بطبعه .. ثم انتقل الحديث إلى الجارة أم نائل قائلة: ذلك اليوم حرك أبو نائل سيارته بسرعة، وإذا بها تقترب من سيارة أبو صابر كثيرًا .. صرخ أبو صابر في وجه زوجي: ماذا تفعل يا هذا؟!، فقال له أبو نائل : أعتذر أعتذر منك؛ لقد كنت شاردًا ولم أنتبه .. لكنه سمع أبو صابر يتمتم بصوت مرتفع: بل كنت طائشًا أبلهًا، ولم تكن شاردا أبدًا! .. من الذي سمح لمثل هذه الأشكال بقيادة السيارات؟! ..
ثم "دعس" على محرك السيارة وانطلق فيها بعنف .. قالت أم صابر: هكذا هو زوجي عصبي بطبعه .. ثم ذكرت أم باسل كيف وبخ أبو صابر أسامة المراسل عندما تأخر في إحضار الطرود لمكان العمل .. ردت أم صابر: نعم، نعم .. هكذا هو أبو صابر عصبي بطبعه .. وتابعت تذكر تلك القصة؛ التي عنفها فيها وابنها في الصباح الباكر، عندما كانت تحاول اقناع الصبي بارتداء معطفه، وهو يرفض مصرًا على عدم ارتدائه .. ثم اتهمها بالتقصير والفشل .. وأنهت: لكن؛ كما قلت لكم هكذا هو زوجي أبو صابر عصبي بطبعه ..
من وجهة نظري: إن مجرد تساهلنا في الصاق المسمى (عصبي) على سلوكات وتصرفات بعض الأشخاص، بحجة أنه سريع الغضب وكأنها صفة لازمة وملازمة لشخصيته .. وذلك من باب تبرير النتائج السلبية المترتبة على مثل هذه الصفة .. فإن هذا بحد ذاته يشكل ذريعة له للاستمرار في أن يفعل ما يحلو له، في الوقت الذي يشاء، وفي المكان الذي يريد، ومع أي شخص يمكنه أن يمارس عصبيته عليه ..
وأيًا كان السبب الذي دفعه لأن يتصرف على هذا النحو؛ والذي يعود على الأغلب لأسلوب التربية المتساهل الذي بالغ في تنفيذ رغباته وتلبية متطلباته .. أو الآخرين المحيطين به والذين عززوا لديه هذه الصفة بتقبل نتائجها عليهم أو حتى بالتغافل عنها، .. فإن هذا جعل منه شخصًا عدائيًا، استسهل مهاجمة الأضعف منه، وإيذائهم والإساءة إليهم؛ بأساليب متعددة ..
لذا أرى أننا إذا أردنا أن تسود السكينة، وتعم الطمأنينة بين البشر .. فإن أحد واجباتنا؛ هو أن نساهم في التخلص من هذه الآفة (العصبية)، ونقلل قدر الإمكان من النتائج السلبية المترتبة عليها .. لذلك؛ علينا بدايةً: التوقف عن اطلاق هذا المسمى على هؤلاء الأشخاص كمبرر لتلطيف عواقب تصرفاتهم الفظة .. وكأنه أمر طبيعي أو اعتيادي ..
ثانيًا: حتى لا يتبادر إلى ذهنهم أن قسوتهم هذه؛ هي احدى حقوقهم .. فإنه يتوجب علينا أن لا نقف مكتوفي الأيدي أمام عنفهم، وإعلان رفضنا بطريقه واضحة، وأسلوب حازم لمثل هذه الممارسات سواء نحونا أو تجاه غيرنا .. وأخيرًا: لا بد من إخبار (العصبي) بأنه يتحتم عليه أن يغير من ردة فعله العنيفة، وأسلوبه المزعج -طبعه- تجاه أقوالنا وأفعالنا .. حتى لا ننفر منه، ويتغير حالنا معه، ونبتعد عنه .. فيخسر ودنا .. ويفقد محبتنا ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشَّديد بالصُّرَعة، إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغَضَب" ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :