أم وليد حُرمت من ميراثها فعملت أجيرةً للتغلب على فقرها


عمانيات - قسوة الحياة جعلتها تلجأ إلى القضاء لتسترجع حقها في الميراث

كتب : محمود العبود
لم تكن تعلم (أم وليد) ذات السبعين خريفا والتي تسكن في بيت من الحجر والطين في إحدى قرى محافظة عجلون أن صعوبة الحياة وقسوة قلوب اخوانها ستلقي بها للعمل في المزارع للحصول على قوت يومها وتوفير المستلزمات الأساسية لأسرتها التي فقدت الأب الذي كان يعمل مزارعا من أجل توفير حياة كريمة لأسرته .

وتقول (أم وليد) انه بعد وفاة زوجها المسن لم يبقى لها أي معيل فقررت الاعتماد على نفسها لكسب رزقها من عرق جبينها الذي غيرت معالمه سنين القسوة والحرمان فشمرت عن ساعديها ونهضت تبحث عن العمل في المزارع بجمع محاصيل الخضروات والفواكه لتعود في نهاية يومها الشاق ببعض الدنانير وقليل من الثمار التي تعمل على جمعها لتدخل الفرحة في قلوب أبنائها .
وترى (أم وليد) أن ما لحق بها من حرمان وضنك لم يكن تقبع تحته لو أخذت حصتها من الميراث بعد وفاة والدها الذي ترك مزارع ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ، وتقول بعيونٍ مترغرغة محاولةً حبس دموعها " سامحك الله يا أبو وليد " الذي اجبرتني على مسامحة اخواني بكامل حقوقي وحصصي من الميراث لنظرة المجتمع وثقافة العيب التي كانت سائدة آنذاك .
وأضافت (أم وليد) انه بعد وفاة زوجها لم يبق أمامها إلا الذهاب إلى اخوانها للمطالبة بجزء بسيط من حقوقها التي تنازلت عنها لهم غير متوقعة أن ينسوها ويتركوها تصارع مصاعب وقسوة حياة نهشت جسدها ونالت من سواعدها التي قطفت محاصيل متنوعة من موسم إلى آخر حتى انهكت واصبحت عاجزة عن العمل بالمزارع في خريف عمرها .
وبعد فقر مدقع وقسوة الحياة لجأت (أم وليد) إلى القضاء تبحث عن بصيص أمل لعلها تستطيع استرداد بعض حقوقها من ميراث والدها والتي سلبتها منها ثقافة العيب ونظرة المجتمع التي كانت تنظر إلى شأنه من المُعيب أن تأخذ الأنثى حقها في الميراث من أهلها حتى لا تنتقل الثروة و الخيرات والمزارع إلى " الغرباء " .
وبين المستشار القانوني احمد القضاة أن القضاء الأردني ينظر بالقضايا المرفوعة في المحاكم بناء على البينات والأدلة المتاحة ولا ينظر بعين العطف إلى الأشخاص وقضاياهم ، مبينا أن جميع مراحل تنازل (أم وليد)، عن نصيبها من الميراث لإخوانها قانونية ولا تستطيع المحكمة أن تحكم لها بأي جزء من ميراثها بعد تنازلها عنه .
دائرة الافتاء العام وعلى لسان مفتي عجلون الدكتور محمد بني طه أكد بأنه لا يجوز ولا يحق لاحد من الورثة أن يمنع اي شخص من حقة في الميراث ومن نصيبه الشرعي وخاصة الإناث فلا يجوز احراجهن وأخذ حقهن من الميراث بالحياء أو التحايل عليهن .
واضاف بأنه يحرم أخذ الحقوق بالباطل ولعظم هذه الحقوق لم يوكلها الله سبحانه وتعالى إلى نبي أو أي أحد من البشرية حيث فصلها في آيات الميراث البينات في القرآن الكريم .
ولفت الى وجود حالات كثيرة في مجتمعاتنا يستغل الاخوة الذكور الصدمة الكبيرة والحزن الشديد الذي تعاني منه اخواتهم بفقدان احد الوالدين ويقومون بأخذ حقوقهن في التركة بالخداع والغبن .
وبين أن السبيل الصحيح في تنازل الاخوات عن حقوقهن في الميراث أن تدخل الحقوق في ملكيتها وتتملكها الى أن تفوق من صدمتها وحزنها على احد والديها وبعد ذلك لها أن تتصرف كما تشاء في حقوقها من التركة سواء بالتنازل عنها لإخوانها أو بيعها مقابل المال متسائلا: فكيف يتنازل الشخص عن شيء لا يملكه ؟
وبين انه من صور اكل حقوق الإناث في الميراث تأخير عمل حصر الإرث وتوزيع التركة بهدف الابقاء على الأموال والعقارات والتركة مجمعة مع الاخوة الذكور ومع الولدة بدعوى عدم إدخال الغرباء في التملك عند العائلة .
ودعا الإناث الى عدم الحياء من طلب حقوقهن كاملة غير منقوصة وعدم التنازل الا عن طيب خاطر وبمحض ارادتهن دون الالتفات إلى كلام الناس ونظرة المجتمع الخاطئة والتخلص من ثقافة العيب في مجتمعنا والتي تنظر بعين الازدراء للأنثى حال اخذت حقوقها في الميراث خصوصا الأراضي والعقارات منعا لدخول أشخاص غرباء من خارج العائلة وتقسيم هذه العقارات .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :