الحرب أين نجدها بوسائل الإعلام بقلم: حازم الخالدي


سئل أحد السياسيين : لو أعلنت الحرب العالمية الثالثة، في أي وسيلة يمكن لك أن تتابع وتتأكد من الخبر ، قال : أفتح الراديو على الفور لأتأكد من الخبر، ثم أفتح الصحيفة لأعرف قصة الخبر، ثم أفتح التلفاز لأعيش الخبر.
هذا الكلام كان في فترة الستينيات من القرن الماضي، وكانت وسائل الإعلام محدودة جدا بقنواتها، فكانت الإذاعة الأوسع انتشارا والأسرع في نقل الخبر، وكانت للصحيفة أهميتها حيث تبرز القصة بكافة تفاصيلها والتحاليل الإخبارية ، ونسبة القراءة عالية جدا.
اليوم تغيرت الأمور، حيث أعدت هذا السؤال على الكثير من الإعلاميين والسياسيين ، الذين توحدت إجاباتهم بأنهم لا يسمعون الإذاعة إلا في أوقات قيادة المركبة، ولم يعودوا يستمتعون بجاذبية وسائل الإعلام، التي ابتعدت عن هموم الناس، وإذا كانت هناك أخبار طارئة أو عاجلة ، فلا ننتظر أن نذهب إلى الوسيلة ؛ فهي تأتينا إلى حيث نتواجد، بغض النظر عن الخبر إن كان يتعلق بقضية أو حرب عالمية ثالثة أو رابعة ، فقد واجهنا في العالم العربي العديد من الحروب الأكثر بشاعة وقساوة وألما من الحربين العالميتين الأولى والثانية، ( لم تهدأ منطقتنا من الحروب) فالأجيال تتوارث الحروب، لذلك مع أن السؤال حول الحرب بالذات يبقى موجودا ولم يتغير ، ولكن الاجابة تغيرت مع تغير الوسائل .
مع أن هذا السياسي لم يُنكر أهمية أي وسيلة، ولكنه رتب الأولويات وبنفس الوقت عزز أهمية كل وسيلة، وحتما فإن جميع وسائل الإعلام لن تخفي الحروب أينما حدثت ، ولم تعد الأمور تحتاج إلى استعداد، فقد شهدنا في السنوات الماضية حروبا كنا نشاهدها مباشرة من أرض المعركة،وما تزال الحروب مستمرة ويتخوف الناس من حرب نووية تجمع كل أرقام الحروب، وقد تكون الأسوأ، التي تجعل البشرية بعيدة عن طوق النجاة .
اليوم ما زالت كل وسيلة لها أهمية وإن تغير الترتيب ، مع تعدد الوسائل؛ فالإذاعة تحولت إلى وسيلة للترفيه أو الخطب ( ملينا من الخطب)،أو الأغاني التي لا تحمل أي مضامين، والخبر أصبح في المتناول بين الناس ، والإعلام الرقمي سرق خاصية السرعة من مختلف الوسائل، فلا داع اليوم أن تذهب إلى الوسيلة حتى تقرأ الخبر ، فهي تأتيك إلى عندك مثل طلبات، (غذاء فكري )على (الموبايل) وتصبح بين يديك.
الحرب العالمية الثالثة لم تعد حكاية تحذيرية فقد تدق أبوابنا في أي لحظة ، وهي أقرب الينا من أي وقت ، وعندما تحين الحرب؛ لن نلجأ إلى إذاعة أو صحيفة أو تلفاز، فعندما يبدأ العداد لهذه الحرب بوسائلها المميتة من دبابات وطائرات وسفن، حينها لن نتمكن من التفكير بالحرب ولا في وسائلها ولا حتى عواقبها .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :