من المدهش .. بقلم: د . ميرفت سرحان




في سهرة مساء الأمس راودني شعور بالملل .. وخطر ببالي عدد من الأفكار لبعض النشاطات المسلية .. لكن شعور الملل رافقه شعور بالكسل .. فآثرت أن أبقى جالسة في مكاني .. وبدأت أقلب في هاتفي؛ إلى أن قررت أن ألعب إحدى الألعاب الإلكترونية الموجودة على الجهاز .. وفي العادة أجعل صوت اللعبة على الوضع الصامت؛ حيث أنني أنزعج من هذا الصوت من ناحية .. ومن ناحية أخرى فإنني أفضل أن أشغل صوتًا في الخلفية لبرامج أو مواضيع معينة أحب الاستماع لها في هذه الأثناء ..
وبالفعل بدأت ألعب وأستمع .. أنهيت بنجاح مرحلة تلو الأخرى .. وفي إحدى هذه المرات التي فزت بها؛ لفت انتباهي تلألؤ بعض النجوم واضاءات ملونة تخرج على الشاشة مع بعض العبارات مثل: "مدهش .. رائع .. مبدع .. وغيرها" .. وهي عبارات تشجيعية، ونجوم تحفيزية، بمناسبة الفوز؛ وترغيبًا للاستمرار في اللعب ..
وعلى سخافة اللعبة .. ومع أنني ما لعبتها إلا لأنني أشعر بالملل إلا أنه قد راودني شعور مدهش بالسعادة والسرور جراء هذه العبارات .. وشعرت بالفعل بالرغبة في الاستمرار باللعب ..
أعاد هذا الموقف لذاكرتي، لقاء جمعني بطفلة لم تتجاوز العاشرة من عمرها .. كانت تحاورني في بعض شؤونها .. ثم قالت: لماذا تتسم أوامر وطلبات الكبار بالتهديد والوعيد دائمًا؟! .. لماذا يقولون لنا إن لم تفعل كذا سوف تُعاقب؟! .. وإن لم تمتنع عن فعل كذا سوف تُقاصص؟! لمَ كل هذا التخويف والترهيب؟! .. وأكملت قائلة: هل تعلمين!؛ لو أنهم فقط يستبدلون هذه الإنذارات بالحوافز والتعزيز؛ لفعلنا لهم ما يريدون ونحن مسرورون، وهم راضون ..
من المدهش أن نبخل في مدح أي فعل حسن يقوم به الآخرون ..
من المدهش أن نستكثر ذكر الآخرين بأي صفة جيدة لديهم ..
من المدهش أن لا نزكي الآخرين أمام من يسأل عنهم ..
من المدهش اختفاء كلمات حسن التواصل مع الآخرين من قاموس كلماتنا .. فلا وجود لكلمة "شكرًا .. عذرًا .. لطفًا ..، .." ..
وأكثر ما يدهش .. أن نتفنن في إيذاء غيرنا؛ بكلماتنا تارة، وبنظراتنا مرة .. واستخفافنا بأفعالهم .. والتقليل من شأنهم .. وغيرها ..
من المدهش فعلًا ..أن تصبح الكلمة الطيبة فيما بيننا وكأنها حمل ثقيل على ظهورنا .. أو عبء يحني أكتافنا .. أو هم تضيق به صدورنا ..

والله المستعان ..

يقول ربي تبارك وتعالى في سورة (إبراهيم: ٢٥/٢٤) ..
"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا .." ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :