"الثقافة التي نريد" بقلم: عمر ضمرة


عمانيات -
تعتبر الأنشطة الثقافية جزءًا أساسيًا من الحياة الاجتماعية والثقافية لأي مجتمع،وإن تعزيز الثقافة والفنون يلعب دورًا حيويًا في تطوير الذوق العام وتعزيز الوعي الثقافي، ومع ذلك،بتنا نشهد تزايدًا في الأنشطة والمهرجانات التي تهدف في الغالب إلى الاستفادة من الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة ومجالس المحافظات،دون النظر إلى المستوى الثقافي والفني والأدبي لهذه الأنشطة. إن هذا المنحى مدعاة لأن يثير القلق بشكل كبير، حيث يمكن أن يؤدي إلى تدهور الذوق العام وتفقد الثقافة قيمتها الحقيقية.
أصبحت المهرجانات والفعاليات الثقافية في الآونة الأخيرة ظاهرة شائعة، إلا أن الكثير منها يفتقد إلى التخطيط الجيد والمدروس، مما يترك تأثيرات سلبية على النسيج الثقافي والفني، بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أهمية التفكير بمشاريع ثقافية مستدامة تعزز الحراك الثقافي وتحقق فائدة حقيقية للمجتمع.
ظهرت الأنشطة والمهرجانات بشكل متزايد في الآونة الأخيرة ، والتي تتخذ صبغة عربية ، وهي مبادرة جيدة في الظاهر،ويتم تسويق هذه الفعاليات والمهرجانات على أنها أنشطة ترفيهية أو ثقافية، إلا أنها في محورها الرئيسي يدور حول تشكيل حالة من " البهرجة الثقافية والفنية"، إن جاز لنا التعبير ، بهدف الإستفادة من الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة ورفع مبالغ هذا الدعم إلى أقصى حد ، والتي يمكن إستثمارها ف يمجالات ثقافية وأدبية أجدى وأنفع . إن تنظم هذه الفعاليات، على الأغلب، يتم بأساليب مبالغ فيها، وتستخدم التسويق الاستهلاكي لجذب المشاركين من الدول العربية، مما لا يسهم في تجويد المنتج الثقافي والفني ، بل لا نكاد نبالغ إذا قلنا أنها تنحدر بالمستوى الثقافي المحلي..
يجب أن نعترف بأن الإلتفات إلى النوعية والجودة والمستوى الراقي أهم بكثير من الناحية الكمية عند تنظيم الفعاليات الثقافية والمهرجانات التي تنظم دون دراسة فنية وثقافية عميقة من أصحاب الإختصاص، فإذا تم التركيز على جلب الفرق والمشاركين من خارج البلاد دون اعتبار لجودة الأداء والمحتوى، فإن ذلك يؤثر سلبًا على السمعة الثقافية للمجتمع.
ينبغي أن تعمل الوزارة على تطوير مشروعات ثقافية مستدامة تستند إلى رؤية طويلة الأمد، وتستمد الإلهام من تجارب الوزارة السابقة " مشروع المدن الثقافية ، مكتبة الأسرة ، التفرغ الإبداعي"، والتي لاقت نجاحً كبيرًا،بإعتبارها تجارب ريادية أسهمت في توزيع المنجزات الثقافية والفنية لتشمل كافة مناطق المملكة ،دون حصرها بالعاصمة عمان .فيمكن توجيه الدعم إلى مبادرات ثقافية خلاقة في المدن الأردنية كافة،وإنشاء مراكز ثقافية فيها ، تضم المسارح والقاعات متعددة الاستخدامات،وإنشاء مكتبات عامة للكبار وللأطفال ،والتركيز على جوهر ومضمون مشروع المدن الثقافية، بحيث يتم تعزيز من الحراك الثقافي في هذه المناطق.
يتعين على وزارة الثقافة أن تضطلع بمسؤوليتها ،وتتحمل دورًا مهمًا في توجيه الجهود نحو إقامة أنشطة ثقافية ذات جودة عالية، تسهم في ترقية الذوق العام وتعزز الوعي الثقافي، وينبغي على الوزارة إتخاذ إجراءات للحد من الفعاليات والمهرجانات الاحتفالية التي تفتقر إلى القيمة الثقافية والفنية ،إذ أن الإرتقاء بالوعي الثقافي له تأثيرات إيجابية على المجتمع بأسره،فتسهم الأنشطة والبرامج الثقافية في توسيع آفاق المعرفة وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة، كما أنها تسهم في تعزيز التفكير النقدي والإبداع وتعزيز الهوية الثقافية.
إن إقامة الأنشطة والبرامج الثقافية التي ترتقي بالذوق العام وتعزز الوعي الثقافي لها أهمية كبيرة في تعزيز التفاهم والتقارب الثقافي،حيث يجب أن تعمل الجهات المعنية على تشجيع هذه الأنشطة وتقليل التركيز على المهرجانات الاحتفالية التي تشهد تزايدًا ملحوظًا،وإذا لم تستطع وزارة الثقافة تحقيق هذا الهدف، فإن ذلك سيكون كارثة بكل المقاييس، حيث سيتم فقدان جزء كبير من الهوية الثقافية والتنوع الثقافي الذي يميز المجتمعات الناجحة والمزدهرة.
بإمكان مشروعات الثقافة المستدامة أن تكون منبرًا لتعزيز الإبداع والتفكير النقدي، حيث يمكن تنظيم ورش العمل والندوات والفعاليات التي تحفز التفكير النقدي وتطوير المواهب الثقافية، كما ان العمل الثقافي يحتاج إلى التجديد المستمر والابتعاد عن التقليد وإستنساخ التجارب السابقة وإعطائها صبغة الجمود ،فيتعين أن تكون هناك استراتيجيات مستدامة لتطوير المشروعات الثقافية والبحث عن مفاهيم جديدة وأفكار مبتكرة،تستلهم التجارب السابقة برؤى مستقبلية تأخذ بالإعتبار المستجدات والمتغيرات الاجتماعية والتطور العلمي وإهتمامات الشباب..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :