يوم ليك ويوم .. الدهر يومان يوم لك ويوم عليك بقلم: امل خضر




هذه هي احد الامثال التى تتناقلها الأجيال عبر العصور ” اعلم ان الدهر يومان يوم لك ويوم عليك . فأن كان لك فلا تبطر . وان كان عليك فلا تضجر فكلاهما سينحسر – علي بن ابي طالب

يشير هذا المثل الى خبرة عميقة وتجربة اصيلة في معرفة الحياة وتصريف أمورها . وما يجب على الإنسان عملهُ في هذه الدنيا من اجل ان يسلك الطريق الأمثل تجاه احداث الزمن حتى يكتسب احترام نفسه و إخوته بني البشر ولكي يضمن له موقعاً اجتماعيا متميزاً حين يدرك عمق هذا المثل الذي يعتبر بمثابة الحكمة .. ان الحياة لاتدوم لأحد على حال واحدة . فهذه سنة الحياة والزمن منذ القديم تواترت عليهم ظروف متنوعة . تارة كان يشملهم الفرح والسرور والحبور والاطمئنان ان أقبلت الدنيا عليهم . وتارة اخرى يلفهم الضيق والأسى والحرمان ان أدبرت الدنيا عنهم . فلابد للإنسان من التزام موقف يتناسب وهذا المثل اذا أراد نيل راحة الضمير . مما يقربه من معاني الأخلاق الحميدة السامية . وهذه خلاصة ما يفوز به الإنسان في وجوده الاجتماعي.

حصرت هذا المثل الدهر بيومين يوم اذا وجد الإنسان فيه سعادته وظفره بما يريد الدنيا من سعادة ونعيم .

والإنسان حين يفوز بكل ما يرغب فيه من متع الحياة وثروتها . ويهمين على مصيره . يريد ان تدوم له هذه الحالات فيعمل بتأثير من نفسه الأمارة بالسوء على الابتعاد عن طريق الخير بل يسارع الى اقتطاف ما حرمته قوانين الحياة عليه . فيظلم . ويسئ الى الآخرين وهو في حقيقة الامر يسئ الى نفسه ويزيد في تراكم السيئات عليه من دون ان يدرك ان الهاوية بانتظاره . لكن المادة التافهة التى تتراءى له بأشكال الأموال الطائلة والملذات التي يأنس لها تمنعه من رؤية الطريق المضيء فيقع أسيرا لهواه عبداً لرغباته عدواً لغيره من البشر . والطبيعة البشرية التى تحتوي على عنصري الخير والشر يميل به ضرر وجوده . وعدوان على من هم معيته من اهل وإخوان ومعارف .

بسبب أوضاعه التي اشرنا إليها الى ان يروي نفسه من هاتيك الأطايب والملذات حتى لو كان في ذلك ، لكن هذه الحالة لا تستمر بل تتحول الى نقيضها فأن لم يأخذ المرء الحيطة وينظر بعيداً الى مستقبل ايامه .

نراه يهوي مثل الجبل الشامخ تأكله شروره وأوهامه . فتنخر كيانه هاتيك الأدواء الأخلاقية والاجتماعية فإذا به يقع صريعاً . صريع ما زرع يداه من عدوان وتجاوز على نفسه وعلى الآخرين . فيتنقل” من جبروته الطاغي وكبريائه الفارغة الى ماهو ادنى بكثير” مما كان عليه تلك قاعدة أودعتها الطبيعة في سلوك البشر أرادا نظيران فأين كانوا وماذا صاروا هل أنقذهم التمسك بالأذى والإصرار على انتهاج طريق الشرور بدافع من الزهو والتكبر والتجبر .

ذاك واضح لمن يتصفح ويقرأ صفحاته ليجد كثيرين كانت لهم الدنيا مشرقة لامعة فازدهوا فيها مثل الطواويس ساعين لغيرهم الضرر والأذى بدافع من غريزة الشر . ولغياب الرؤية الإنسانية عنهم لأنهم ما اقتربوا من المعاني السامية لأنهم لم يتربو بها وهذا ما ورثوه من البيئة العائلية منذ النشأة الأولى . فضلاً عما ينشره الزمن المسيطر عليهم من أوهام وأكاذيب تجعلهم يهيمون في دروب الضلالة التي تزين لهم الأباطيل ضانين ان الخير هو ما حصلوا عليه لكن حالتهم ينطبق عليها قول الشاعر

مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ
تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ

ان خلاصة مقالي في اكتسابنا الروح الأخلاقية التي نحصل عليها بعد جد واجتهاد وتعب كثير بمراقبة النفس وتوجهها نحو الطريق الصحيح بما نغذيها بحب الآخرين واحترام المجتمع وامتلاك روح التواضع في أي وقت من حياتنا التي نحياها لكي نسمو بها ونكون محترمين في نظر أنفسنا ونظر المجتمع .. فسلام على كل روحا بشرية تزرع فينا الأمل وتمسك بيدنا لطريق الخير والصلاح لخدمة المصلحة العامة




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :