البغل الإلكتروني بقلم: طلعت شناعة




عندما رأيتُه لأول مرة ،ظننتُه « كائنا مهذّباً». فقد كان يرتدي بدلة رسمية وربطة عُنق فاخرة وحذاء من الجلد الطبيعي. ولم يكن « الموبايل يفارق» أّذنه. وكنتُ اظنه يعمل في « الرقابة على الطائرات» او « الغوّاصات النوورية»،فلا يتوقف عن الحديث والثرثرة في الهاتف حتى وهو يتقدم للتسوق،ضاربا بعرض الحائط « الواقفين في الطابور». وكنتُ المح ملامحه الهادئة المثيرة للجدل.
ظلت الامور « عادية»،وقلتُ ربما كان « الأخ» مستعجلا على وظيفته او انه في سباق مع الوقت لإنجاز مهمات للصالح العام.
ومثله مثل كثيرين يشعرونني بالاغتراب في عالمنا الذي غلب عليه « اللهو» و» التسلية» بالموبايل دون ان تكون هناك « ضرورية» لذلك. مجرد « استعراض».
كان ثمة سيدة اظنها تعمل « معلّمة» توقف سيارتها امام «سوبر ماركت». وجاء الأخ واوقف سيارته بطريقة أغلقت الطريق على السيدة التي بألتأكيد كانت ايضا « مستعجلة».
كلّنا مستعجلون ونلهث طيلة ساعات الصباح والمساء والسهرة و .. ع الفاضي
فلا نحنُ « سعداء» بما نعمل ولا نجلب «دخْلاً « يعادل او « يستاهل « هالبهدلة و» الصّرمحة» بالشوارع.
ارادت السيدة ان تحرّك سيارتها ،لكنها اكتشفت سيارة «حضرته» لازقة بسيارتها. ولأني « حشري» بطبعي وربما تعاطفا مع النساء عامة والسيدة خاصة ،قلتُ للرجل الانيق: لو سمحت تحرّك سيارتك ،الستّ مش عارفة تطلع».
ولم اكد أُنهي كلامي حتى « اشتعل « الرجل بالصراخ وكأن « قنبلة هيدوجينية» انفجرت امام « السوبر ماركت». واخذ « يشوّح» بيدية مثل طرزان ويصرخ: إنت شو دخلَك. ما بدّي احرّك سيارتي. وهاي قعدة. و»تمدد على بوز السيارة». طبعا لم يفارق الموبايل اذنيه.
لذتُ بالصمت،فحجم الرجل وشراسته لا تضعني في معركة « متوازنة معه» وميزان القوى يميل لصالحه.
ظلّ يرعد ويزبد ولمّ علينا خلق الله والناس ظنوا بي الظنون.
غادرتُ المكان،وتركتُ الرجل يشتم وبالتأكيد يتحدث تارة اخرى بالموبايل !!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :