ذكرى النكبة .. المعاناة مستمرة



مهما بلغ التآمر الدوليّ على الشعب الفلسطيني ، ومحاولات تهجيره إلى مختلف بقاع الأرض لن ينسى الفلسطينيون أرضهم ولا قراهم ؛ولا حتى ذكرياتهم في فلسطين حيث يورثونها من جيل إلى جيل ، وما هذه التضحيات في غزة وحرب الإبادة الجماعية التي هي أقسى وأشد مرارة من النكبة ، التي مر عليها 76 عاما، إلا شاهد حي يثبت فيها الشعب الفلسطيني تمسكه بأرضه وجذوره وهويته الوطنية .
تتجدد النكبة الفلسطينية اليوم في غزة، فما زال الصهاينة يمارسون القتل والتدمير وحرب المجاعة ، فكما تم تدمير أكثر من 600 قرية فلسطينية في عام 48، وتهجير سكانها ، اليوم ترتكب قوات الاحتلال مجازر بشعة وعمليات تطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني ، وتقوم بتدمير كل مكونات الحياة حيث تحول قطاع غزة إلى مدينة أشباح يفتقد إلى أبسط مكونات الحياة .
حدثني (أبو مازن)، عن خروجه من فلسطين مع عائلته وعشيرته .. فلم يكن في نية أبناء بلدته الهجرة وترك أرضهم ، ولكن عمليات القتل والمجازر التي ارتكبت في بعض القرى والخوف من عمليات الاغتصاب دفعتهم للابتعاد عن قراهم ، حيث تركوا حاجاتهم ومستلزماتهم في بيوتهم وتم دفن الأشياء الثمينة في حفر تحتها ، لأن ساعات البعد لن تكون طويلة - حسب ما وعدوهم - خرجنا ولم نبعد عن الحدود الفلسطينية أكثر من خمسة كيلو مترات لنظل قريبين من بلدتنا ..مكثنا أياما قليلة على أمل العودة بعد أن طمأننا جيش الانقاذ (وهو جيش شكلته جامعة الدول العربية)، بأن الغربة لن تطول وستعودون إلى قراكم خلال أيام ...
يتابع حديثه ..كان الأمل كبيرا وظل في داخلنا وعيوننا تتجه إلى قرانا ، وبعد يومين من خروجنا توفي أحد أٌقاربنا من سكان القرية ورفض جميع أبناء العشيرة دفنه خارج فلسطين، وظل ملفوفا في (بطانية)،ننظر اليه بحزن على ألم الفراق ، وبداخلنا تتولد كل حسابات القهر لأننا لا نعرف أي مصير ينتظرنا، رغم عذابات الحزن ، كان الأمل بدفنه في بلدته ، ننظر اليه وقلوبنا إلى فلسطين..كان الجميع متمسكا بالعودة وحمل الجثمان ليعود إلى حضن التراب الذي عاش به أجداده..بعد ثلاثة أيام من الانتظار وجدنا كل الوعود لا تحمل أي حقيقة ، لتقول لنا أن الغربة ستطول وتطول وتطول ..فقد كان رأي حكمائنا وشيوخنا أن " إكرام الميت دفنه" ، فما كان لنا سوى أن نحفر قبرا ينهي ذكرى حياة ابننا وندفنه بعيدا عن فلسطين، ونبتعد إلى المجهول الذي كان ينتظرنا..
اليوم يحيي الفلسطينيون نكبتهم وهم مستمرون في معاناتهم ، فيما الصهاينة الاوغاد يعيدون جرائمهم في غزة وهم يبتسمون على أنقاض ومخلفات الدمار، يمارسون جنونهم وقسوتهم ضد الأطفال والنساء والأبرياء ، وهم يفتخرون بما ارتكبوا من فظائع وقتل وإجرام يثبت أن الارهاب يعيش بدمهم .
بعد 76 عاما من النكبة ورغم المعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني ، والمجازر التي ترتكب ومحاولات التهجير، ما يزال الفلسطيني متمسكا بأرضه؛ وصية نقلها الأجداد إلى الأبناء ، يتردد صدى صوتها في غزة ، بأن حق العودة حق مقدس للفلسطينيين للعودة إلى قراهم ومدنهم ، فالمأساة لا يمكن أن تندثر مهما اشتدت الحرب ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :