تميل الشعوب العربيّة في طبيعتها إلى الدّعاية المبالغ فيها، خاصّة في الحروب️ فقُبيل حرب الـ67 علت أصوات الإعلام بشعاراتٍ وأغاني ردّدها الكبير والصغير:
"الميج علّت واختفت بالجو تتحدّى القدر"، "ميراج طيّارك هرب مهزوم من نسر العرب"، "تجوّع يا سمك"...الخ
وعندما حانت ساعة الصفر يوم 5/6/1967، ما هي إلّا ست ساعات كانت المعركة محسومة لصالح الأعداء، وانهزم العرب شرّ هزيمة بسبب عدم استعدادهم.
تم قصف 11 مطار عسكري وتدمير 197 طائرة مصرية وتعطيل 8 محطات رصد مبكر ورادار خلال الهجمة الأولى لسلاح الجو الإسـرائلي.️
فالبروباغاندا الإعلاميّة التي أطلقها إعلام مصر الناصرية المؤدلج قبيل حـرب الـ67، ما هي إلا حكايات أسطورية، وأخبار مبالغ فيها حول الإنتاج العسكري المصري من صـواريـخ وتكنولوجيا فضاء.
ففي 23/7/1963 خرجت الصحف المصرية بعنوان رئيس:
(سباق بين الجمهورية العربية وفرنسا ومجموعة دول غرب أوروبا لإطلاق قمر صناعي.. مصر ثالث دولة في العالم بعد الاتحاد السوفييتي وأمريكا تصنع صواريخها بنفسها).
أكاذيب ومبالغات اتضح زيفها بعد عامين عند أول مواجهة مع الكيان المُحتل، فلم تكن هناك لا أسلحة ردع استراتيجية ولا غيره، انضربت الطيّارات بطيّاريها على أرضها، وتبيّن أنّ الصواريخ البالستية التي صنعتها مصر، كانت عبارة عن "خردة" كما وصفها سعدالدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية.
وفي حرب الخليج تكرّرت نفس المأساة بالمبالغة في وصف القدرات العسكرية، وحياكة الأساطير حولها، فاشتغلت ماكنة الإعلام حملات بروباغندا مماثلة لما جرى في مصر الناصرية.
فكان التهويل في وصف التصنيع العسكري، وامتلاك الأسلحة الاستراتيجيّة، كمدفع يوم القيامة أو ما يسمّى بالمدفع العملاق الذي عرف باسم "بابل"، وكذلك صاروخ "العابد".
ربما كان العراق أكثر محاولةً وأصدق في المجهود المبذول لتطوير الصناعة العسكرية، إلا أن نتائج محاولاته لتطوير مديات صواريخ سكود الروسية لم تكن كما هي متوقعة، فرغم تطويرها للمدى وللقوّة التدميرية لتلك الصواريخ، إلا أنه شابها الكثير من المشكلات في منظومة التوجيه، الأمر الذي تسبب في عدم دقة إصابتها للأهداف، ولم تحقق نتائجها العسكرية المرجوّة في حسم المعركة ولو جزئيًا.
كذلك قصة السلاح الاستراتيجي" المدفع العملاق" أو "مدفع بابل العملاق" -أكبر مدفع عرفه التاريخ العسكري-، والذي تم الاتفاق على تنفيذه عام 1989م، طول ماسورته 156 مترا -أي بطول ملعب كرة القدم مرة ونصف-، وبإمكانه إطلاق قذائف قطرها 1000 ملم، أي بحجم برميل، وتزن 2 طن، ووزن المدفع يصل إلى 2100 طن.
كل الهالة الإعلاميّة التي نسجت حول هذا المدفع لم تغير حقيقة أنه سيكون سلاحاً غير فعال، فحجمه العملاق لن يسمح بنقله أو تحريكه أو حتى إعادة توجيهه، كما أن فترة تجهيز إطلاق القذيفة طويلةً جداً، وكان من السهل تحديد موقعه، ما يسمح بتدميره بسهولة، كذلك كان الكل سيعرف مكانه لأن طاقة ارتداد إطلاق قذيفة منه ستتسبب في حدوث زلزال فعلي قوي ستسجله جميع أجهزة الرصد حول العالم، والنتيجة سيكون هذا المدفع عرضةً للهجمات الجوية بسهولة.
ولا زلنا على ما نحن عليه!، ففي الحرب المُقنّعة الدائرة الآن بين إسرائيل و طهران نرى كيف عملت إيـران جاهدة على تضخيم قدراتها العسكرية، حيث تمكنت ماكنتها الإعلاميّة من إشاعة "وهم القوة".
واقنعت العالم بأنها تمتلك قدرات دفاعية رادعة، وأسلحة استراتيجيّة هجوميّة مدمرة.
والواقع أنها تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة، لكنها ليست كما تظهر بضخامة الكميات والقدرات.
فهيبة الردع التي صنعتها ليست حقيقية، فمعظم أسلحتها ذاتية التصنيع، محدودة القدرات، قائمة على تكنولوجيا منظومات قديمة، تم تحديثها بشكل محدود جدًا.
للأسف لازلنا نعيش نفس نمط التفكير، ننسج الأساطير ونبالغ في وصف القدرات، ونصنع أبطالًا وطنيين خارقين إذا غضبنا منهم نجعل منهم خونة وعملاء مأجورين.
نواجه أعداءنا بالكلام، وقصص التاريخ وبطولات الماضي، بالكذب على أنفسنا بتهويل قوتنا وقدراتنا، ننتظر المهدي لينقذنا، ولا نعمل شيئًا لإنقاذ أنفسنا، ليبقى السؤال: إلى متى؟
"الميج علّت واختفت بالجو تتحدّى القدر"، "ميراج طيّارك هرب مهزوم من نسر العرب"، "تجوّع يا سمك"...الخ
وعندما حانت ساعة الصفر يوم 5/6/1967، ما هي إلّا ست ساعات كانت المعركة محسومة لصالح الأعداء، وانهزم العرب شرّ هزيمة بسبب عدم استعدادهم.
تم قصف 11 مطار عسكري وتدمير 197 طائرة مصرية وتعطيل 8 محطات رصد مبكر ورادار خلال الهجمة الأولى لسلاح الجو الإسـرائلي.️
فالبروباغاندا الإعلاميّة التي أطلقها إعلام مصر الناصرية المؤدلج قبيل حـرب الـ67، ما هي إلا حكايات أسطورية، وأخبار مبالغ فيها حول الإنتاج العسكري المصري من صـواريـخ وتكنولوجيا فضاء.
ففي 23/7/1963 خرجت الصحف المصرية بعنوان رئيس:
(سباق بين الجمهورية العربية وفرنسا ومجموعة دول غرب أوروبا لإطلاق قمر صناعي.. مصر ثالث دولة في العالم بعد الاتحاد السوفييتي وأمريكا تصنع صواريخها بنفسها).
أكاذيب ومبالغات اتضح زيفها بعد عامين عند أول مواجهة مع الكيان المُحتل، فلم تكن هناك لا أسلحة ردع استراتيجية ولا غيره، انضربت الطيّارات بطيّاريها على أرضها، وتبيّن أنّ الصواريخ البالستية التي صنعتها مصر، كانت عبارة عن "خردة" كما وصفها سعدالدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية.
وفي حرب الخليج تكرّرت نفس المأساة بالمبالغة في وصف القدرات العسكرية، وحياكة الأساطير حولها، فاشتغلت ماكنة الإعلام حملات بروباغندا مماثلة لما جرى في مصر الناصرية.
فكان التهويل في وصف التصنيع العسكري، وامتلاك الأسلحة الاستراتيجيّة، كمدفع يوم القيامة أو ما يسمّى بالمدفع العملاق الذي عرف باسم "بابل"، وكذلك صاروخ "العابد".
ربما كان العراق أكثر محاولةً وأصدق في المجهود المبذول لتطوير الصناعة العسكرية، إلا أن نتائج محاولاته لتطوير مديات صواريخ سكود الروسية لم تكن كما هي متوقعة، فرغم تطويرها للمدى وللقوّة التدميرية لتلك الصواريخ، إلا أنه شابها الكثير من المشكلات في منظومة التوجيه، الأمر الذي تسبب في عدم دقة إصابتها للأهداف، ولم تحقق نتائجها العسكرية المرجوّة في حسم المعركة ولو جزئيًا.
كذلك قصة السلاح الاستراتيجي" المدفع العملاق" أو "مدفع بابل العملاق" -أكبر مدفع عرفه التاريخ العسكري-، والذي تم الاتفاق على تنفيذه عام 1989م، طول ماسورته 156 مترا -أي بطول ملعب كرة القدم مرة ونصف-، وبإمكانه إطلاق قذائف قطرها 1000 ملم، أي بحجم برميل، وتزن 2 طن، ووزن المدفع يصل إلى 2100 طن.
كل الهالة الإعلاميّة التي نسجت حول هذا المدفع لم تغير حقيقة أنه سيكون سلاحاً غير فعال، فحجمه العملاق لن يسمح بنقله أو تحريكه أو حتى إعادة توجيهه، كما أن فترة تجهيز إطلاق القذيفة طويلةً جداً، وكان من السهل تحديد موقعه، ما يسمح بتدميره بسهولة، كذلك كان الكل سيعرف مكانه لأن طاقة ارتداد إطلاق قذيفة منه ستتسبب في حدوث زلزال فعلي قوي ستسجله جميع أجهزة الرصد حول العالم، والنتيجة سيكون هذا المدفع عرضةً للهجمات الجوية بسهولة.
ولا زلنا على ما نحن عليه!، ففي الحرب المُقنّعة الدائرة الآن بين إسرائيل و طهران نرى كيف عملت إيـران جاهدة على تضخيم قدراتها العسكرية، حيث تمكنت ماكنتها الإعلاميّة من إشاعة "وهم القوة".
واقنعت العالم بأنها تمتلك قدرات دفاعية رادعة، وأسلحة استراتيجيّة هجوميّة مدمرة.
والواقع أنها تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة، لكنها ليست كما تظهر بضخامة الكميات والقدرات.
فهيبة الردع التي صنعتها ليست حقيقية، فمعظم أسلحتها ذاتية التصنيع، محدودة القدرات، قائمة على تكنولوجيا منظومات قديمة، تم تحديثها بشكل محدود جدًا.
للأسف لازلنا نعيش نفس نمط التفكير، ننسج الأساطير ونبالغ في وصف القدرات، ونصنع أبطالًا وطنيين خارقين إذا غضبنا منهم نجعل منهم خونة وعملاء مأجورين.
نواجه أعداءنا بالكلام، وقصص التاريخ وبطولات الماضي، بالكذب على أنفسنا بتهويل قوتنا وقدراتنا، ننتظر المهدي لينقذنا، ولا نعمل شيئًا لإنقاذ أنفسنا، ليبقى السؤال: إلى متى؟
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
الرد على تعليق