عمانيات - الرئيس الصيني : نتمسك بروح "شانغهاي" ونمضي بثبات نحو مستقبل مشترك للبشرية

كتبت: رانا النمرات

أكد رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جينبينغ، أن منظمة شانغهاي للتعاون حققت خلال 24 عامًا من تأسيسها سلسلة من المنجزات المهمة بفضل تمسك الدول الأعضاء بروح "شانغهاي"، مشددًا على أهمية مواصلة الالتزام بهذه المبادئ في ظل التحديات والمتغيرات الدولية، من أجل بناء مستقبل جميل ومزدهر لشعوب المنطقة والعالم.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس الصيني، خلال الاجتماع الخامس والعشرين لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون، الذي عُقد في مدينة تيانجين الصينية، حيث شدد على أهمية تذكّر الغاية الأصلية للمنظمة ورسالتها الأساسية، والمضي قدمًا بروح التضامن والتعاون لتحقيق التنمية والاستقرار والسلام.



* ترسيخ "روح شانغهاي" وتعزيز الاستقرار الإقليمي

وقال الرئيس شي إن "روح شانغهاي"، التي تتمثل في الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتشاور واحترام تنوع الحضارات والسعي إلى التنمية المشتركة، شكّلت الأساس الذي انطلقت منه المنظمة، وبقيت مرجعية ثابتة لها طوال أكثر من عقدين.

وأشار إلى أن الدول الأعضاء تمسكت بهذه المبادئ، وتعاونت على مواجهة التحديات ومشاركة الفرص التنموية، ونجحت في تحويل هذه المبادئ إلى سياسات ملموسة، من أبرزها بناء آلية للثقة في المجال العسكري بالمناطق الحدودية، ما حوّل حدودًا تفوق عشرة آلاف كيلومتر إلى روابط للصداقة والتعاون والثقة المتبادلة.

وفي المجال الأمني، أكد شي أن المنظمة تبنّت عمليات متعددة الأطراف لمكافحة "القوى الثلاث" المتمثلة بالإرهاب والانفصال والتطرف، كما دفعت بالتعاون في إنفاذ القانون بخطوات متزنة، وعالجت النزاعات والخلافات بطريقة مناسبة، ورفضت بكل وضوح التدخل الخارجي، مما حافظ على السلم والأمن والاستقرار في المنطقة.



* إنجازات تنموية وتجارية كبرى ضمن مبادرة "الحزام والطريق"

وأوضح الرئيس الصيني أن التعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، التي أطلقتها بلاده بالتنسيق مع الدول الأعضاء، ساهم في تحسين معيشة الشعوب على أرض الواقع، وخلق زخمًا إيجابيًا في مجالات الاستثمار الصناعي والتنمية، كما ضَخّ مزيدًا من القوة الدافعة للازدهار الإقليمي.

وأشار إلى أن هدف تجاوز حجم التجارة بين الصين والدول الأعضاء في المنظمة حاجز 2.3 تريليون دولار أميركي قد تحقق قبل الموعد المحدد، مبينًا أن شبكة الترابط والتواصل أصبحت أكثر استكمالًا، حيث تم فتح طرق نقل عامة دولية بطول يقارب 14 ألف كيلومتر، مرت بها أكثر من 110 آلاف رحلة لقطارات الشحن بين الصين وأوروبا.

وأكد شي أن الصين والدول الأعضاء وقّعت على معاهدة بشأن حسن الجوار والصداقة والتعاون على المدى الطويل، ما أرسى دعائم الصداقة المتوارثة جيلًا بعد جيل، ورفضت الدول أن تكون في خصومة مع بعضها البعض.

وأضاف أنه تم تأسيس لجنة حسن الجوار والصداقة والتعاون لمنظمة شانغهاي، إضافة إلى عدد من الآليات التي فُعّل دورها بشكل جيد، وتم بناء شبكة تواصل ودي بين الشعوب، وتعزيز التعاون في مجالات المرأة والشباب والحكومات المحلية ووسائل الإعلام والمؤسسات الفكرية، ما عمق أواصر التواصل والتقارب بين الشعوب.



* دعم التعددية ورفض الهيمنة وتعزيز العدل الدولي

وأشار الرئيس الصيني إلى أن منظمة شانغهاي تبنّت مفهوم الحوكمة العالمية الذي يستند إلى التشاور والتعاون والمنفعة المتبادلة، وعملت على تطبيق تعددية الأطراف الحقيقية من خلال تعميق التعاون مع الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، والمشاركة البناءة في الشؤون الإقليمية والدولية.

وأكد شي أن الصين تقف دائمًا إلى جانب العدل والإنصاف الدوليين، وتدعو إلى التسامح والتبادل الثقافي والاستفادة المتبادلة بين الحضارات، وترفض سياسات الهيمنة والقوة، موضحًا أن هذه المواقف أسهمت في تعزيز السلام والتنمية على المستوى العالمي.

كما شدد على أن منظمة شانغهاي أصبحت اليوم أكبر منظمة إقليمية في العالم، حيث تضم 26 دولة وتتعاون في أكثر من 50 مجالًا، ويقترب الناتج المحلي الإجمالي المجمع لدولها من 30 تريليون دولار، ما يعكس تنامي تأثيرها وجاذبيتها على الصعيد الدولي.

ودعا إلى التمسك بروح "شانغهاي" في ظل عالم تتزايد فيه الاضطرابات والتحولات، والسير إلى الأمام بمعنويات عالية وبخطوات ثابتة لتفعيل دور المنظمة بصورة أفضل.

* إصلاح المنظمة وتعزيز التعاون العملي والمبادرات الصينية

دعا الرئيس الصيني إلى الالتزام بالسعي وراء الرؤية المشتركة، وتجاوز الخلافات، مشيرًا إلى أن جميع الدول الأعضاء أصدقاء وشركاء ينبغي أن تحترم اختلافاتها وتحافظ على التواصل الاستراتيجي، وتعمل على تعزيز التضامن وتوسيع نطاق التعاون وتوظيف المزايا المتبادلة.

كما شدد على أهمية تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، وبناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، وتعظيم الديناميكية الاقتصادية من خلال تعزيز التكامل التجاري، والاستفادة من مزايا الأسواق، ورفع مستوى تسهيل التجارة والاستثمار، وتوسيع التعاون في الطاقة والبنية التحتية والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والابتكار العلمي.

وأكد شي على ضرورة الانفتاح والتسامح في قارة أوراسيا التي كانت مهدًا للحضارات القديمة ومنصة للتلاقح بين الشرق والغرب، داعيًا إلى تضافر الجهود لبناء فضاء حضاري مشترك تسوده الشراكة والاحترام والتكامل.

ودعا إلى التزام العدل والإنصاف، ورفض عقلية الحرب الباردة والمواجهة بين المعسكرات وأعمال التنمر، مشيرًا إلى ضرورة الحفاظ على النظام الدولي المرتكز على الأمم المتحدة، ودعم نظام التجارة المتعدد الأطراف المرتكز على منظمة التجارة العالمية، والسعي لبناء منظومة حوكمة عالمية عادلة، وعولمة اقتصادية شاملة ومنظمة.

وشدد على مواصلة دفع إصلاح المنظمة، وزيادة الاستثمار في بناء القدرات، وتشغيل المركز المتكامل لمواجهة التهديدات الأمنية ومركز مكافحة المخدرات، إلى جانب الإسراع بتأسيس بنك التنمية الخاص بالمنظمة.

وأشار إلى أن الصين ربطت تنميتها الذاتية بمسار التنمية في منظمة شانغهاي، حيث تجاوز رصيد استثماراتها في الدول الأعضاء 84 مليار دولار، في حين بلغ حجم التبادل التجاري معها أكثر من 500 مليار دولار سنويًا.

وأعلن عن خطة تنفيذ 100 مشروع هذا العام، وتقديم مساعدات مجانية بقيمة ملياري يوان للدول الأعضاء المحتاجة، إلى جانب إصدار قروض إضافية بقيمة 10 مليارات يوان عبر اتحاد المصارف خلال السنوات الثلاث المقبلة.

كما أعلن عن مضاعفة عدد المنح الدراسية الخاصة بمنظمة شانغهاي اعتبارًا من العام المقبل، وإطلاق برنامج لتأهيل طلبة الدكتوراه في مجالات الابتكار، وإنشاء عشر "ورشات لوبان" في الدول الأعضاء خلال خمس سنوات، وتوفير عشرة آلاف فرصة تدريب في مجال تنمية الموارد البشرية.

وفي ختام كلمته، قال الرئيس شي:
"أهل العزم لا تعيقهم المسافات. لنتذكر غايتنا الأصلية ورسالتنا، ونتحمل مسؤولياتنا، لكي ندفع بالتطور المستقر والمستدام لمنظمة شانغهاي للتعاون بمعنويات أعلى وإجراءات أكثر عملية، ونمضي قدمًا بثبات نحو مستقبل جميل نعمل فيه معًا على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية."