د.عاكف الزعبي .. الموازنة ونمو الاقتصاد


عمانيات - د.عاكف الزعبي
الموازنه هي الخطة السنوية للحكومة والتي من المفترض ان تأتي في سياق خطة اوسع ومنسجمة معها تشمل عدداً من السنوات يتراوح ما بين 3-5 سنوات . وتشتمل الموازنه بصفتها وثيقة ماليه على بابين ، باب الايرادات وباب النفقات . وعلى مدى سبع سنوات مضت ظل الخلل ظاهر في البابين ما جعل الموازنه تعاني من خلل هيكلي .

الايرادات واغلبها ايرادات ضريبية تعاني اختلالاً نتيجة لهيمنة ضريبة المبيعات (ضريبة غير مباشره) على باقي الضرائب بما يزيد عن 70% بينما ضريبة الدخل (ضريبه مباشره ) لا تبلغ سوى 24% فقط من مجموع الضرائب.

النفقات تعاني اختلالاً ايضاً . فأغلبها نفقات جارية (رواتب ونفقات وتشغيليه ) تشكل 85% من اجمالي النفقات . وتصل الرواتب في النفقات الجاريه الى ما يزيد عن 25% ، ويبلغ الهدر في النفقات التشغيلية (الجاريه – الرواتب ) بما لا يقل عن 15% ، وهذا ليس حصراً على موازنة الحكومة بل هو كذلك في موازنة المؤسسات المستقله .

دور الموازنه في تحفيز نمو الاقتصاد يتمثل على صعيد باب الانفاق في زيادة الانفاق الرأسمالي وحسن توجيهه ، ويتمثل على صعيد الايرادات في التحفيز الضريبي لاتاحة الفرصة لزيادة الطلب على السلع والخدمات ولخفض كلف المنتجات وتحسين تنافسيتها امام المستوردات وفي الاسواق التصديريه .

في ظروف الازمه التي نمر بها فإن زيادة الانفاق الرأسمالي لتحفيز النمو لن يكون الا بالاقتراض . لكن المزيد من الاقتراض اليوم محفوف بالمخاطر خصوصاً وان النتائج المتوخاه من زيادة الانفاق لن تظهر قبل ثلاث سنوات على الاقل. كما أن خفض الضرائب لتحفيز النمو سوف يضاعف من الازمة الماليه على المدى القصير بما لا يمكن للخزينة تحمله .

في ضوء ذلك لن تفكر الحكومة في وضع خطة متوسطة المدى لتحفيز الاقتصاد تقوم على زيادة الانفاق بالاقتراض او تخفيض الضرائب او بكليهما معاً لأنها لا يمكنها التأكد من نجاحها بنسبة عالية جداً في ظل ظروف اللايقين السائدة التي يتعذر في ضوئها الركون الى سلامة الفرضيات التي سيتم بناء الخطة على اساسها . وفشل خطة قائمة على هذا الاساس سيكون كارثياً في نتائجه .

الخيار الذي بقي متاحاً امام الموازنه لتوفير التمويل اللازم لتحفيز النمو هو فقط السعي الدؤوب للحصول على منح وقروض ميسرة بالاضافة الى خفض الهدر في الانفاق الجاري . وأما خيارها المتاح لزيادة الايرادات الضريبية فليس رفع الضرائب وانما منع التهرب والتجنب الضريبي وتحسين التحصيل باعادة هندسة النظام الضريبي كاملاً وهو ما لا يمكن انجازه في المدى القصير.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :