لا أدري كم واحد كان في حارتنا ، ايام زمان ، يسمّونه " السّرسري "..؟
فكان اهلي يحذورنني من اللعب مع هؤلاء.. ( السرسرية).
طبعا وقتها كنت بريئا ، احم احمم ، لم أكن أعي معنى هذه الصفة ،وماذا يفعل الشخص ،حتى ينال هذا اللقب.
وعندما كبرت.. بدأت اسمع الكلمة " تتكرّر " في الاسواق والقعدات الخاصة والصالونات السياسية ، حيث لا يتورع مسؤول سابق عن وصف مسؤول لاحق بأنه " لا يفهم بشغله.. هذا واحد " سرسري ".
وقبل أيام طلب مني أحد أقاربي ان اتوسّط له عند شخص من أجل خطبة ابنته لابنه.
ولمّا كنتُ " أخر كائن يمكن أن يصلح لهذه المهمّة ،" فقد اسشرتُ صديقا ، وما أن شربنا القهوة " السادة " ، حتى دخلنا بالموضوع...
وفاجأني صديقي.. والحقيقة " نصحني " بنسيان الأمر لأَن عائلة البنت كلها " سرسرية ".
وأخذ يفصّل الكلام وقال :
اخوها " هامل" وابوها كان في الزمانات " حرامي " .. واشار إلى الاب قائلًا إنه كان يعمل في " مستودع " احدى الشركات .. وسرق معدّات .. واظن " أكله سنتين سجن ".
وكانت النتيجة أنني " كسبت فناجين القهوة، ونسيت الموضوع " ورجوتُ قريبي أن " يعفيني من المهمّة لأنني لا أصلح لها ".
ومنذ أيام لم تخلُ نشرات الأخبار ولا الصحف ولا المواقع الالكترونية ولا قعدات القهاوي عن الحديث في موضوع " الفساد والتهرّب الضريبي " .. وصار الجميع " يفتي " وكأنه " يعلم اشياء لا نعلمها نحن العامة ".طيب منين اجت كلمة " السرسري "؟
لازم نعرف..
" بحبشت " وبحثت وعرفت أن الكلمة جاءتنا من العهد العثماني القديم...
كان هناك شخص يُسمّى " الشلايتي" وأظنها نفسها " " الشلاتي " وهو موظف معين من قبل الحكومة في عهد الدولة العثمانية يقوم بمراقبة الأسعار في السوق ،والتأكد من عدم التلاعب بها من قبل التجار .. وعندما بدأ هذا الشلايتي بأخذ الرشاوي من التجار وغض البصر عن التلاعب بالأسعار عينت الحكومة موظفا جديدا سمته " السّرسري" ومهمته مراقبة" الشلايتية " والتأكد من قيامهم بعملهم الصحيح ونزاهتهم .. ولكن العدوى انتقلت للسرسري ،وبدأ بأخذ الرشاوى أيضاً وأصبح المصطلحين يطلقان على الفاسدين
وحرفت بمرور الزمن .. لكن بقي " السرري " هو نفسه في كل زمان ومكان.
الحمد لله .. نحن في الاردن ما عندنا " سرسرية "
عندنا بس " فاسدين " !!