حيلة بقلم :د . ميرفت سرحان


سلسلة في آخر الأسبوع خاطرة
حيلة

استيقظت من نومي ذات مرة وكنت أشعر بغصة .. شتت تفكري .. وقيدت حركتي وغيرت حالتي .. وأربكتني لفترة .. ثم شعرت بحيرة وقلت في نفسي: تُرى ما أسباب هذه الغصة؟؟!! .. فأخذت أتذكر ما مررت به قبل يوم واثنين وثلاثة: هل هي بسبب الخلاف الذي وقع بيني وبين صديقتي .. أم لأني لم أنجز آخر مهمة طلبت مني .. اه اه ربما بسبب المبلغ الذي ضاع من حقيبتي .. تذكرت أمورًا كثيرة اخرى .. لكن لم يكن عندي القدرة على الربط بين أيٍ من هذه الأمور وسبب الغصة .. لذا لم أعد أهتم للأسباب .. وقررت أن أتحرر من أثر الغصة .. ففكرت وقلت لنفسي لابد لي من حيلة .. لا تأخذ من وقتي زمنًا طويلًا .. وتغير مزاجي كثيرًا .. وأبدأ يومي وأكمله وأنا مسرورة ..
فتأملت في نفسي وفيما حولي لبرهة ..
ثم توجهت إلى المطبخ، وأعددت كوبا من الحليب الدافىء، حيث أشعر عند تناوله بالراحة .. ثم أخذت من مكتبي قلمًا وورقة .. وحملت كرسيًا وسرت باتجاه الشرفة .. فتحتها لبرهة ووقفت أمامها وأخرجت رأسي منها .. وأخذت شهيقًا طويلًا سار فيه الهواء في أنفي، وأتبعته بزفير متقطع أخرجت فيه الهواء من فمي مرة تلو الأخرى.. كانت خيوط الشمس وقتها تنثر في السماء اشراقها ببطء لتعكس لدي شعورًا بالحيوية وإحساسًا بالدفء .. بعد ذلك جلست على الكرسي وأسندت ظهري إلى مخدة ريشية، كنت وضعتها فوق الكرسي فأمدتني براحة .. تناولت بعدها فنجان الحليب وأمسكته بكلتا يدي وارتشفت منه رشفة أضافت إلى احساسي بالدفء دفئًا فريدا .. وضعته على حافة النافذة .. وأخذت القلم والورقة وبدأت أرسم .. واذا بيّ أرسم وردة، ولأني أفضل الفل على سائر الورود .. رسمتها فلة صغيرة، بيضاء تميل إلى الزهرية .. سرحت بها قليلًا .. وكأن لها لمسة مخملية أقرب إلى الحريرية .. ساقها أخضر طويل مكسو بأوراق ملساء بيضاوية .. عطر الياسمين يفوح منها ورائحة العنبر .. ثم أسكنت فلتي بستانًا سماءه ربيعية صافية، زرقاء مضيئة .. تحمل أشجاره أثمارا شتى، وفاكهة مذاقها كأنه العسل المصفى .. تسود أجواءه زقزقة العصافير .. يشق بستاني الصغير جدول جميل، صوت خرير مائه كأنه نغم شجي أشبه بمقطوعة موسيقية عزفت على ثقوب آلة النايٍ (وصوت الناي أنا أحبه) .. أعجبتني الفلة فأنشأت معها صداقة أقرب إلى الأخوة .. وأجريت معها حوارًا كانت تملك هي زمامه .. حدثتني بصوت مريح هادئ ونبرة مستقرة؛ قالت فلتي: اتذكرين ذلك اليوم عندما لعبت مع ساره وضربت الكرة بقوة فطارت بعيدًا عن المرمى، ضحكتن وقتها بشدة .. اتذكرين أيام المدرسة عندما أديت مشهدًا في مسرحية وتأثر بها الجمهور وصفق لك بحرارة.. وفي أيام الجامعة عندما خرجتِ وزميلاتكِ في رحلة كيف مضى الوقت ممتعًا .. وفوزك بالمسابقة الشعرية كم أمدك بالفخر وأشعرك بالقوة ..
انتبهت لنفسي واذا بعيناي تتسع .. وشفتاي تبتسم .. وشعرت بخفة .. وهدوء في فكري وراحة في بالي .. ومزاج أكثر استبشارًا ..
أرجوكم اذا ما شعرتم بغصة ذات مرة .. فلا تترددوا بأن تجربوا الحيلة .. أو أن تبتكروا لأنفسكم حيلة ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :