استنساخ التجربة السعودية بمكافحة الفساد. عوض الصقر


هل سنرى استنساخا للتجربة السعودية في مكافحة الفساد؟
عوض الصقر

الملاحقات الأمنية والقانونية التي تنفذها هيئة مكافحة الفساد توحي بأن هناك جدية من جانب الحكومة لمكافحة الفساد بجميع أشكاله ومسمياته، ولذلك فليس مستغربا أن تقوم هذه الدائرة بإجراء مراجعات متواصلة لملفات التهرب الضريبي وغسيل الأموال والفساد المالي، حيث تضمنت هذه المراجعات مداهمات لشركات متهربة ضريبيا، وتوقيف متهمين بقضايا فساد متعددة.
وما يلفت النظر أن الملاحقات والمداهمات المتعلقة بهذه القضايا التي تقدر بعشرات الملايين من الدنانير لم تقتصر على من تدور حولهم شبهات تجاوزات مالية في مؤسسات القطاع العام والوزارات بل أنها شملت كذلك شركات مقاولات في القطاع الخاص وشركات أخرى تابعة لرجال أعمال ومتنفذين.
وما يلفت النظر أكثر أنه حتى الوزراء الذين تدور حولهم شبهات فساد أصبحوا كذلك في مرمى هيئة مكافحة الفساد والتي كان آخرها تنفيذ الحجز التحفظي على الأموال المنقولة وغير المنقولة والممتلكات العائدة لوزير أشغال سابق وأخرى تعود لشركات مقاولات كبرى، بمبررات التهرب الضريبي وتلزيم العطاءات والأوامر التغييرية المتعلقة بتنفيذ مشاريع حكومية كبرى.
ووفقا للمصادر الرسمية فإن التهرب الضريبي في الأردن وصل أرقاما فلكية تقدر بنحو 1.2 مليار دينار في السنة.
وما يلفت النظر كذلك هو أن الهيئة أحالت خلال العام الماضي 277 ملفا للقضاء تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدنانير..بالاضافة الى 87 ملفا أحالتها للقضاء منذ بداية العام الحالي..
وبالرغم من أن بعض شركات القطاع الخاص تعترض على حملات المداهمة الضريبية وتعتبرها طاردة للاستثمار إلا أنها، بحسب اعتقادي، جاءت في الوقت المناسب خاصة أنها تأتي في سياق ضعف حجم التبرعات المقدمة من القطاع الخاص لصندوق "همة وطن" لدعم الجهود الوطنية في مواجهة جائحة كورونا كما أنها تتزامن مع التراجع الحاد في الإيرادات العامة لميزانية الدولة حيث بلغت حصيلتها 550 مليون دينار خلال الثلث الأول من العام الحالي.

المواطن البسيط يأمل أن تستمر حملة الهيئة في مكافحة الفساد كما يأمل أن تركز الحملة على نشر ثقافة النزاهة والمحافظة على المال العام وأن يتم تكثيف هذه الجهود بصرف النظر عن مستويات مرتكبي الفساد ومراكزهم الأجتماعية والرسمية وأن يكون شعار المرحلة القادمة: كل من يتجرأ على المال العام يجب أن يخضع للمساءلة القانونية.
وبالتأكيد فإن جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني شركاء في التصدي للفساد والمفسدين فالتشريعات النافذة ألقت على عاتق هذه المؤسسات وعلى عاتق المواطنين الغيارى، المسؤولية الوطنية للحفاظ على مقدرات الوطن ومصالحه العليا.
فتح ملفات الفساد ونهب المال وملاحقة كل من تدور حولهم شبهة التجاوزات المالية لاقى ارتياحا كبيرا عند المواطنين وانعكس هذا الارتياح على التغريدات والمنشورات العديدة في وسائل التواصل الاجتماعي والمؤيدة لحملات الملاحقة والمداهمة.
وبعد، فهل نرى استنساخا للتجربة السعودية عندما حجزت أعدادا كبيرة ممن أثروا ثراء فاحشا، ووضعتهم أمام أمر واقع في فندق في الريتز كارلتون في الرياض لاسترداد عشرات المليارات من الدولارات ونحن نقول إن جميع الذين أثروا إنما جمعوا ثرواتهم الطائلة من هذا الوطن وبالتالي فمن حق الوطن عليهم أن يقفوا معه في هذه الظروف الكالحة حيث المديونية المتصاعدة والعجز في الموازنة العامة وإذا لم يقفوا مع الوطن في مثل هذه الظروف فمتى سيقفوا بل متى يعود إليهم رشدهم وصوابهم؟
يحدوني الأمل بأن تشهد المرحلة القادمة فتح المزيد من ملفات الثراء الفاحش وأن تشهد المزيد من الملاحقات الأمنية والقضائية لاسترداد الأموال العامة المنهوبة بغير وجه وحق. والله اسأل أن يحفظ الوطن وقائد الوطن والشعب الأردني الأبي..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :