النزاع بين تركيا واليونان بقلم :عوض الصقر


النزاع بين تركيا واليونان يندلع من جديد بقوة!
عوض الصقر
لم تشهد العلاقات بين تركيا واليونان، استقرارا منذ انهيار الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي ولكنها بدأت تتفاقم بعد تقسيم جزيرة قبرص الى جزئين في عام 1974 يتبع أحدهما لليونان ويتبع الجزء الآخر لتركيا، فقد ظلت هذه العلاقات متوترة وكأنها على صفيح ساخن منذ ذلك الحين وها هي اليوم تشهد توترا غير مسبوق بعد أن كانت الحرب الباردة بين البلدين سيدة الموقف طيلة العقود الماضية.
واليوم يتجدد النزاع العاصف بين البلدين على حقول الغاز والحدود البحرية المشتركة وهو ما يؤشر الى احتمال أن يتطور هذا النزاع إلى صدام عسكري مسلح.
والملفت أن فرنسا اصطفت إلى جانب اليونان أكثر من غيرها من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى وذلك بعد أن تدهورت العلاقات بين باريس وأنقرة بشكل كبير مؤخرا، خاصة بعد أن أرسلت أنقرة قوات عسكرية إلى ليبيا، في الوقت الذي تدعو فيه الولايات المتحدة البلدين المتنازعين إلى التفاوض، في حين يدعو الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، الذي ينضوي البلدان تحت مظلته، إلى ضرورة حل النزاع «بروح تضامن الحلفاء ووفقا للقانون الدولي».
لقد تفجرت شرارة النزاع بعد أن انطلقت سفينة الأبحاث التركية تحت حماية سفنها الحربية في رحلة استكشافية للتنقيب عن الغاز الأمر الذي أثار حفيظة اليونان واستنفار قواتها في الوقت الذي تعهدت فيه كل من أثينا وأنقرة للدفاع عن سيادتهما على المياه الإقليمية في البحر المتوسط.
وما أجج التوتر والنزاع بين الجانبين قيام القوات البحرية التركية بداية شهر آب/أغسطس الماضي بمناورات عسكرية في بحر إيجه حيث ردت اليونان بوضع قواتها البحرية في حالة تأهب قصوى إضافة الى أن اليونان لجأت الى توقيع اتفاقية تعاون لترسيم الحدود البحرية المشتركة مع مصر في مواجهة اتفاقية التنسيق المتبادل التي وقعتها تركيا مع الحكومة الشرعية في ليبيا.
وهنا يتساءل المراقبون عن دور حلف الناتو في مواجهة هذا التوتر المتفاقم الذي قد يجر البلدين إلى مواجهة عسكرية محتملة قد تؤدي إلى إشعال فتيل الحرب في المنطقة وربما العالم.
واستعرضت السفن الحربية للخصمين التقليديين قوتها بالمنطقة المتنازع عليها شرق البحر المتوسط، وبذلك يكون التنافس للاستحواذ على احتياطيات الغاز والنفط في المنطقة قد زاد الطين بلة كما يقول المثل.
وفي هذه الأثناء يؤكد أمين عام الناتو أن الحلف يدرس تطبيق إجراءات منع الاشتباك للحيلولة دون وقوع حوادث بحرية، في منطقة تعاني أصلا من الاحتقان والتوتر.
ويشار إلى أن تركيا واليونان انضمتا إلى حلف الناتو في العام 1952، في سياق التخوف من التمدد السوفياتي في ذلك الحين. وفي عام 1954، شكّل البلدان حلفا بلقانيا مشتركا مع يوغسلافيا كان هدفه التصدي للاتحاد السوفياتي، لكن سرعان ما تدهورت العلاقات بين الجارتين مرة أخرى نتيجة الخلاف حول جزيرة قبرص والمواجهات في بحر إيجه.
وكانت قد اندلعت الحرب بين تركيا واليونان في عام 1919 واستمرت حتى 1922، وهي المعروفة بإسم الحرب في آسيا الصغرى وذلك في اعقاب انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.
الأسابيع القادمة ستظل مفتوحة على جميع الإحتمالات، فهل سينجح حلف الناتو في نزع فتيل الأزمة أم أن الصدام العسكري بين الجانب سيكون حتميا في ضوء القدرات العسكرية والقتالية الكبيرة لتركيا في مواجهة الأوضاع العسكرية والإقتصادية الصعبة لليونان التي تعاني من أزمة الديون المتزايدة، الأمر الذي دفع بعض دول الإتحاد الاوروبي للمطالبة بطردها من الإتحاد.. ويظل التكهن بمصير النزاع بين الجانبين مجهولا، والله أعلم.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :