قيمة الاخلاق بقلم : محمد الجبور


قيمة الاخلاق في نفسك وسلوكك
بقلم المخرج محمد الجبور
إن القانون الأخلاقي هو ما أفرضه على نفسي بعد أن اقتنع به باستقلال عن نظرة الآخر وبقطع النظر عن عقاب .
أما إذا اتجهت إلى ما يجب على الآخر أن يفعله فقط فأنا هنا واعظ فإذا قلت لإنسان كن كريماً ، ولا تبرهن على أنّك نفسك كريم ، فهذا عمل الواعظين ، فالأخلاق هي التي لها قيمة في نفسك وفي سلوكك لا بمجرد قولك وخطابك ، فالضمير هو الحكم ، ولا تطلع على نيات الآخرين ،لأن الله وحده هو العليم بما تخفي الأنفس ،وتكن الصدور أما العقاب أو السجن فذلك قائم على ما يتصوره الناس ، لأن العدالة ترجع إلى قانون وإلى حكم القضاة وتقارير الشرطة ، فكم من فاضل بريء يقبع في ظلمات السجون وقيودها ! وكم من مرتش محتال مخادع يعيش في فضاء الحرية ؟!
يمكن أن تكون متواقفاً في سلوكك مع قواعد المجتمع السوية وهذا واجب ولكن لا يعفيك من أن تكون منسجماً مع ما يمليه عليك ضميرك وهذا هو الجوهر حقاً وهو أمر عام يشمل كل فرد .
والواقع أنّه توجد أخلاق مختلفة تبعاً للتربية التي تلقاها هذا الفرد أو ذاك وللمجتمع الذي نشأ فيه والعصر الذي عاش أحداثه وتقاليده والأوساط التي يتردد عليها وبصفة عامة يكون تبعاً للثقافة التي تربى عليها ، ومن الصعب أن تجد أخلاقاً مطلقة ولكن عندما أمنع نفسي من الوحشية والقتل والعنصرية ، فأنني أعلم أنها ليست مسألة اختيار يتعلق بذوق فرد ما وإنما هي شرط لبقاء الحياة وكرامة المجتمع وحياة كل مجتمع وكرامته ، بل ذلك شرط لبقاء الإنسانية قاطبة .
إذا كان الناس كلّهم يكذب بعضهم على بعض ،فلا يصدق أحد منهم الآخر ، ويصبح كل قول وكل خبر صحيح محالاً وعبثاً.
وإذا كان كل فرد يسرق فان الحياة في المجتمع تصبح مستحيلة أو بائسة ، فلا تبقى ملكية ولا شيء ليسرق ،إذا كان كل إنسان يقتل فلا يبقى إلا الخوف والعنف ويصبح الناس ضحية للقتل إذ أنهم كلّهم قتلة ، فكيف يأمن الإنسان على نفسه أو ماله؟ إنّها خسارة للحضارة وللإنسان
فهذه الافتراضات المناقضة للقيم مرعبة ، إذا سادت أدت إلى تدمير الإنسان فالقانون في هذا السلوك الأخلاقي ، أن تسأل نفسك إذا عزمت على سلوك طيب أو شرير وأردته ماذا يحدث لو أن الناس كلّهم يرتكبونه؟
ليست الأخلاق هي التي تؤسس الدين وتبرره كما يزعم فلاسفة التنوير وإنما الدين هو الذي يؤسس الأخلاق ويبررها .
ويعتقد الفيلسوف (كنت) أن الأخلاق تؤدي إلى الدين ، وان الواجب يقتضي أن تكون إنسانياً لا أسيراً لغرائزك وخوفك فالأخلاق تتمثل في هذا الإلزام الكلي الذي يشمل الأنا والآخر معاً ، فالقيم الأخلاقية تتسع إلى أفق الإنسانية قاطبة فلا تكون الجماعة منغلقة في نطاق ثقافتها الخاصة وقوميتها وتقاليدها الاجتماعية ، بخلاف السياسة فإنّها سياسة لخدمة مصالح شعب معين ودولة معينة لا تعدوها فالقيم الأخلاقية هي التي تجسد آدمية الآدمي وهوية الإنسانية وتدعو للانفتاح على كل آدمي ،فهي مواطنة عالمية وليست مواطنة لدولة معينةوهذا ما ينم عن نضج الإنسانِ وكماله الروحي.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :