نتنياهو يعلن الانتصار ويتطلع للمزيد من المكاسب!!! عوض الصقر



يبدو أن التقرير الذي بثته القناة الإسرائيلية الثانية بأن توقيع صفقة السلام الاسرائيلية الإماراتية البحرينية في واشنطن بحضور الرئيس الأمريكي دونالب ترمب الثلاثاء الماضي يعد بمثابة إعلان شهادة وفاة لمبادرة السلام العربية وهذه "مراسيم جنازتها"، كلام صحيح ومؤكد.
المثير للحزن والأسى أن الموقف العربي الرسمي من الصفقة تراوح بين التأييد والصمت حتى بيانات الاستنكار المعهودة، غابت هذه المرة عن المشهد.
وما يثير الأسى أيضا، إعلان ترمب، أنّ هناك خمس دول عربية أخرى سوف تعلن قريبا عن إقامة علاقات علنية مع إسرائيل.. وهذا يعني أننا الآن أمام نهاية مبادرة السلام العربية، التي أعلنها الملك الراحل عبدالله ابن عبدالعزيز في قمة بيروت في العام 2002 وشكلت الموقف العربي الرسمي حيث تضمنت الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من يونيو 1967 والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة وقيام دولة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية مقابل إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل.
لقد زادت هذه الصفقة الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية انقساما وإثارة للجدل، تماما كما هو الحال تجاه القضايا الأخرى التي تواجهها الأمة في اليمن وسوريا وليبيا والخليج.
ومن المؤكد أنه سيكون لهذا التطور تداعياته الإقليمية والدولية، ولا سيما أنه سيؤدّي إلى تأجيج الجبهة الإيرانية، إضافة إلى أن هذا التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل يعني التخلي عن الوقوف الى جانب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ودعم قضيته العادلة.
الكل أن يدرك أن إسرائيل معنية بالدرجة الاولى بمصالحها وحماية نفسها وهذا ما أكده نتنياهو عندما قال أثناء مراسم التوقيع بأنه "سلام مقابل السلام وانه وقع الصفقة من موقف القوة وليس من موقف الضعف".
لقد حرص ترمب أثناء مراسم التوقيع على ذكر المكاسب التي ستحققها إسرائيل من هذه الصفقة بما في ذلك التمدد الأمني والعسكري والاستراتيجي والاستثماري وهو بذلك يريد أن يكسب ود قاعدته الإنجيلية المتصهينة الموالية لإسرائيل وكذلك ود اللوبي الصهيوني ذا النفوذ الواسع في الولايات المتحدة، وذلك في إطار سعيه الحثيث لإعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية.


لقد جاء توقيت هذه الصفقة هدية لترامب ونتنياهو، المتورطان في أزمات داخلية عويصة، عشية الإنتخابات الأمريكية الرئاسية بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، والتي تأتي في سياق جائحة كورونا، والأوضاع الاقتصادية المتردية في الولايات المتحدة.
كما أن نتنياهو أراد أن تكون تلك الصفقة إنجازا وانتصارا له وحده، فلم يصطحب معه إلى واشنطن أي مسؤول كبير، سوى صديقه وحليفه في المؤسسة الأمنية يوسي كوهين، رئيس الموساد، لدوره، في صياغة تلك الصفقة وهندستها، سرا وعلانية، وهو بذلك يستبق الإنتخابات الإسرائيلية، التي بات من المؤكد أنها ستجري خلال العام المقبل.
ما جرى على الساحة الفلسطينية من وحدة الموقف، وحرص على وحدة الصف، في مواجهة ذلك الاختراق الإسرائيلي للدول العربية، يشكل خطوات إيجابية لكنّه لم ينهي حالة الانقسام والمشاحنة المعلنة وغير المعلنة بين الفصائل، والسبب الرئيسي هو أن تلك الفصائل تقرأ المشهد، فيما يبدو، من باب انتخاب رئيس أمريكي جديد في شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم وليس من باب التوافق على ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي. والمطلوب أن تستغل جميع الفصائل والقوى والتيارات الفلسطينية الوقت لبناء القاعدة المتينة لوحدتها الوطنية، فعنصر الزمن مهم جدا وهو يعمل ضد من لا يستغلّه لصالحه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :