اثر الثقافة السياسية على النظام السياسي د. عثمان الطاهات



الثقافة السياسية هي القيم والاتجاهات والسلوكيات والمعارف السياسية لافراد المجتمع ، وبهذا تكون الثقافة السياسية ثقافة فرعية او جزء من الثقافة العامة للمجتمع، وبرغم انها مستقلة بدرجة ما عن النظام الثقافي العام الا انها تتأثر به .
لا تعرف الثقافة السياسية لاي مجتمع ثباتا مطلقا ، ولكنها تتعرض للتغير حتى ولو كان طفيفا وبطيئا ويتوقف جحم التغير على مدى معدل التغير في الابنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ودرجة اهتمام النخبة الحاكمة بقضية التغير الثقافي، وحجم الاسثمارات التي يمكن تخصيصها لا حداثه ومدى رسوخ قيم ثقافة معينة في نفوس الافراد .
لا يعني القول بوجود ثقافة سياسية للمجتمع تماثل عناصرها بالنسبة لسائر افراده، اذ هناك دائما هامش للاختلاف الثقافي تفرضه عوامل معينة كالاصل العنصري، والديانة، ومحل الاقامة، والمهنة، والمستوى الاقتصادي، والحالة التعليمية .
لذلك كل نظام سياسي بحاجة الى ثقافة سياسية معينة تغذيه وتحافظ عليه فالحكم الفردي توائمه ثقافة سياسية تتمحور عناصرها في الخوف من السلطة والاذعان لها وضعف الميل الى المشاركة السياسية، وفتور الايمان بكرامة وذاتية الانسان، وعدم السماح بالمعارضة .
بالمقابل يتطلب الحكم الديمقراطي اخلاقا ديمقراطية ، فلا يمكن للديمقراطية ان تنمو وتستقر دون ايمان الانسان بكرامته وذاتيته، وهذا الايمان يحمل معه قناعة بأن للفرد حريات لا يمكن للحاكم ان ينال منها مع الاستعداد للدفاع عنها فيما لو هددتها السلطة .
تؤثر الثقافة السياسية على علاقة الفرد بالعملية السياسية فبعض المجتمعات تتميز بقوة الشعور بالولاء الوطني وهنا يتوقع ان يشارك الفرد في الحياة العامة وان يسهم طواعية في النهوض بالمجتمع الذي ينتمي اليه وفي دول اخرى يتسم الافراد بالامبالاة والاغتراب وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه اي شخص خارج محيط الاسرة وفي بعض الاحيان ينظر المواطن الى النظام السياسي على نه ابوي يتعهده من المهد الى اللحد ويتولى كل شيء نيابه عنه، وبالمقابل قد يشك الفرد في السلطة السياسية ويعتبرها مجرد اداة لتحقيق مصالح القائمين عليها .
بالاضافة الى ما سبق يعتمد الاستقرار السياسي جزئيا على الثقافة السياسية فالتجانس الثقافي والتوافق بين ثقافة النخبة والجماهير يساعدان على الاستقرار اما التجزئة الثقافية والاختلاف بين عقلية الصفوة وعقلية الجماهير فيمثلان مصدر تهديد لاستقرار النظام السياسي .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :