سُـهير جرادات .. قصّةُ شغفٍ و إصرار!


عمانيات -
كتبت : رغد تركي
"الرّيموت" ، "أعيدوا لنا هيبتنا" ، "أنين العسكر" ، "يوميّات محجور" ، "القطيع المُطيع" ... مقالاتٌ ترسّخت في ذهنِ الشّعب الأردني ؛ كيف لا ! و هي كُتِبَت بواسطة قلمٍ وُصِفَ بالمُبدع ، البليغ ، الصّريح البديع .
سُـهير جرادات ، ابنةُ مدينة إربد ، "محاميةُ العائلة" كما كان يُناديها والدها ، طمحت سُهـير لدراسة الحقوق أثناء مراحل الدراسة ، و في مرحلة الثانوية العامة اتّخذت قرارا بدراسة تخصص الصّحافة و الإعلام ؛ فتخصص الحقوق و تخصص الصّحافة و الإعلام نهران يَصُبّان في ذات البحر "المناداة بحقوق الآخرين و رفع الظّلم عنهم" ، لتتفاجئ سُهـير حينها أن والدتها أسمتها على اسم الصّحفيّة و الأديبة المصرية سُهـير القلماوي ، و لكنها لم تُخبرها ؛ كي لا تُصبح سُهـير أسيرة حلم والدتها .
لم يشأ القدر أن تُقبَلَ في تخصص الصّحافة و الإعلام ، و كان يومُ رفضها في التخصص يوماً أسوداً "كما تَصِفهُ هي" ، لكنها لم تفقد الشغف و الإصرار ؛ فقامت بدراسة موادٍ صحفيّة أثناء دراستها في كلية الآداب .
إنّ أبرز مميزات شخصية الصحفية جرادات الجُرأة و حب الخير ، و لعلّها ورثت الجرأة من والدها ذو الطبع العسكري اللواء الركن فهد جرادات ، الذي أثرى لديها حب المهنة و الإخلاص لها ، و كان يخبرها دائماً أن من اختار طريقهُ بمحبة يجب ألا يتراجع عنه .
أما ميزة محبة الخير فهي صفة طاغية في شخصيتها ، و هي صفة اكتسبتها من والدتها التي كانت تحب مساعدة الآخرين ، و لم يكن فضل والدتها أنها اكسبتها هذه الصفة فحسب ، بل كانت أقوى داعم لها في مسيرتها الصحفيّة .
بدأت (سُهـير) رحلة تحقيق حلمها قبل تخرجها ، و المحطة الأولى التي انطلقت منها هي صحيفة صوت الشّعب التي كانت آنذاك تستقطب أهم الصحفيين ، و كان للصحفي طارق مصاروة رحمه الله أثر كبير على رحلتها الصحفية .
و حالت الظروف دون تحويل (سُهـير) تخصصها إلى تخصص الصحافة و الإعلام ، و لكنها تعلمت من اصرارها أن تحقيق حلمها مسؤوليتها ، كما كان تعليق رئيس قسم الصحافة و الإعلام في جامعة اليرموك مازن العرموطي ، الذي أجرت معه مقابلة صحفيّة بعد سنواتٍ طويلة ليُخبرها "أنها بإصرارها وتصميمها حقّقت حلمها بالرغم من عدم دراستها للتخصص" ، لذا فإنها بعد ما حققته مؤمنة بأن الإرادة تُحقق المستحيل .
و بعد تخرجها واصلت الصحفية جرادات ، رحلة تحقيق حلمها فاستمرت بالعمل في صحيفة صوت الشعب ، ثم عملت في مجلة الحصاد السّياسي ، ثم في مجلة الأفق الاقتصادي ، كما عملت مندوبة لصحيفة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن ، و لكن المحطّة الأكثر تأثيراً في رحلتها الصحفية هي عملها في وكالة الأنباء الأردنية ، التي اكسبتها خبرةً كبيرة و جعلتها صحفية واثقة من نفسها و من قدراتها .
و لعل أفضل فترة في حياتها الصحفيّة هي الفترة الممتدّة من ٢٠٠٨ - ٢٠١٨ ، و هي فترة تضمّنت الكثير من الأحداث و القضايا الصحفيّة ، و في هذه الفترة عملت داخل الأردن و خارجه حيث كانت عضو في مركز دراسات و أبحاث المرأة في تونس ، كما عملت كصحفية تقوم بتغطية النشاطات التي يقوم بها الأمير طلال بن عبد العزيز من خلال مبادراته في معظم دول العالم، و حَظِيَت بثقة زملائها الذين انتخبوها لتُمثلهم في مجلس نقابتهم ، و مثّلت الصحفيين الأردنيين في الاتّحاد الدولي للصحفيين و مقره بروكسل بعد نيلها ثقة أكثر من مئة دولة انتخبوها عضواً احتياطيّاً في اللجنة التنفيذيّة .
جرادات تمتلك حلماً آخر ، و هو تقديم الخير و المعروف للآخرين .. و تعمل على تحقيق هذا الحلم من خلال مهنتها ؛ فهي مديرة و مدربة في مركز جدل للتدريب الاعلامي ، حيث تنقل خبراتها و نصائحها الصحفية للمتدربين ، كما أنها درّبت في العديد من الدول العربيّة الشقيقة مثل : ( الكويت ، دبي ، قطر ، سلطنة عُمان ، فلسطين ، تونس ، المغرب) .
بعد خبراتها الطويلة في العمل الصحفي مندوبة ومحررة ومختصة في كتابة التحقيقات الاستقصائية ، اتجهت لكتابة المقال الصحفي،ورأت أن كلمة الحق التي يكتبها الصحفي في المقال تُعتبر خير يَصُّب في مصلحة الوطن و المواطن ، و بمثابة أقل خدمة يُترجم من خلالها وطنيتهُ وانتمائه .
و تُحب جرادات أن ترى من دربتهم في مواقعٍ صحفيةٍ جيدة ، و تفرح كثيراً عندما تُدرّب الأشخاص و تنقل لهم خبرتها و تجربتها في مهنة الصّعاب ..
و على الرغم من صعوبة مهنة الصحافة و الإعلام إلا أنها لم تفكر يوماً في تركها ، و لو عاد بها الزّمن سوف تختارها مرّة أخرى .
نالت الصحفية( سُهـير فهد جرادات )، العديد من الجوائز خلال مسيرتها الصحفيّة ، التي تنظر لها على أساسٍ معنوي و ليس مادي ، فهي تشعر بالفرح أنّ هناك جهة معيّنة قدّرت جهودها ، و من أبرز الجوائز التي حازتها جائزة الحسين للإبداع الصحفي مرّة لأفضل قصة اخباريّة تحت عنوان "عَلِمَ بهول إصابته في وجهه من عيون المرعوبين من منظره" و هي قصّة عن شاب أُصيب في تفجيرات فنادق عمّان ، و مرّة لأفضل مقالٍ صحفي تحت عنوان "إنهم لا يصدقونك القول" .
التّحقيقات الاستقصائية أقرب الفنون إلى جرادات ، لأن التّحقيقات تجمع ما بين التحدي و الجرأة ، و تحاول تغيير ظروف الأشخاص إلى الأفضل ، لذا فإن التّحقيقات تُناسب شخصيّتها الجريئة و الصريحة و المُحبّة للخير .
و ترى الصحفية المُبدعة أنَّ هناك علاقة تبادليّة بين شخصية الصحفي و بين مهنته ، فهي تعلمت من مهنة الصّحافة ألا تقبل الظلم ، و أن تدافع عن حقوق الآخرين و تتبنى قضايا صحفية تمس أشخاصاً أخرين و لا تمسّها هي شخصياً ، و أنه يجب ألا يفصل الصّحفي نفسه عن المجتمع و مشاكله .
و تؤكد سُهـير جرادات على عدم دراسة تخصص الصّحافة و الإعلام إذا لم يكن نابعاً من قناعة داخل الشخص ، و إذا لم يكن هناك تناسب بين شخصية الطالب و طبيعة المهنة ، و توصي طلبة و خريجي الصّحافة و الإعلام بعدم ممارسة هذه المهنة إذا لم يكن بينهم و بينها حالة عشق! ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :