البداية والنهاية بقلم:د. ميرفت سرحان


سلسلة في أخر الأسبوع خاطرة
البداية والنهاية

يقسم المختصون في التربية وعلم النفس حياة الإنسان -من يومه الأول إلى عمر الشيخوخة- إلى مراحل .. منها ما هو مرتبط بالعمر الزمني للفرد والتي تبدأ بسن معينة وتنتهي عند أخرى، وبعض تقسيمات المراحل مرتبط بنشاط أو موضوع معين كالدراسة مثلًا، فمرحلة ما قبل المدرسة، ومرحلة الصفوف الثلاثة الأولى، الخ .. وأيًا كان توزيع هذه المراحل فهي لا شك مترابطة، وملتصقة، ومتتابعة فلا ينتقل الفرد عبر المراحل إلا بالتسلسل .. وفي الحقيقة إن الاتصال والترابط الوثيق بين هذه المراحل يجعل وجود حد فاصل بينها أمر شائك .. كما أن نقطة النهاية لمرحلة ما هي ذاتها نقطة البداية للمرحلة التالية ..
وحتى ينتقل الفرد عبر المراحل بكفاءة وسلام فإن مختصو التربية وعلم النفس يوصون مقدمي الرعاية بتعليم الفرد بعض المعارف، وتدريبه على مجموعة من المهارات، وتعريضه لبعض الخبرات التي تعزز قدرته وتحسن من أداءه وتعينه على تحمل عبء كل جديد سيتعرض له في المرحلة التالية .. ويؤكد المختصون في هذا المجال على نوعية الخبرات والمهارات التي يكتسبها الفرد .. فبعض المعلومات والمعارف في حياته قد تشكل عائقًا له أمام مواجهة التحديات القادمة إن لم يتعامل معها بفطنة واتزان ..
يشبه البعض هذه المعارف والمهارات بالتحضيرات التي يقوم بها الفرد قبل الذهاب إلى رحلة .. و يشبهها آخرون بالتحضيرات التي تسبق الخضوع لامتحان ..
وعن نفسي فإنني أرى هذه المهارات كالحلم الذي يزورك في ليلة استغرقت فيها في نوم عميق بعد يوم شاق .. ومرر لك هذا الحلم خبر من خلال أحداث غريبة، وعجيبة .. ثم استيقظت شبه متأخر عن موعد في غاية الأهمية، فحاولت مستعجلًا ادراكه، وتشتت أفكارك، وتوتر سلوكك .. مما جعل خبر الحلم يتلاشى جزئيًا من ذهنك .. وفي خضم محاولتك لإدراك الموعد، أخذ طيف خبر الحلم يمر أمامك، دون أن يفصح لك عن نفسه .. فبدأت تبذل جهدًا مضاعفًا، تريد تارة أن تتذكر الخبر، ومن ناحية أخرى تحاول إدراك الموعد .. فصرت تسير بنصف وعي .. وبعض من إدراك .. وتبعثر سلوك .. وتناثر مشاعر .. وكدت تضيع في منتصف الطريق .. فلا تذكرت الخبر ولا لحقت بالموعد ..
لذا وجب عليك أن تتخذ القرار بأن تتوقف في الحال وتلملم شتات نفسك .. إما تجري للخلف وراء خبر الحلم .. أو أن تسير قدمًا لإدراك الموعد ..
شخصيًا أرى أن مراحل حياتنا تبدأ قبل ولادتنا ولا تنتهي بموتنا .. والبديات أو النهايات -كلاهما واحد- في حياتنا ليست بالضرورة نقاط الفصل بين المراحل .. أحيانًا ما تأتي البديات (النهايات) دون سابق موعد .. ولأنها ليست جميلة دائمًا كما في الأفلام الرومانسية، وليست بشعة دائمًا كما في أفلام الرعب .. ولأنها لم تكن في الحسبان أحيانًا .. ولأنها كثيرًا ما تحمل معها المفاجأت .. فهي لا تحتمل منك أن تسير للخلف نحو الحلم أبدًا حتى لو كان جميلًا .. ولن تمكنك من مجابهتها إن لم تمتلك القدرة المناسبة والإمكانية الملائمة لمواجهة الموقف .. لذا فليس أمامك سوى أن تسير بخطى ثابتة نحو الموعد .. وإن أردت لهذه الخطى أن تكون أكثر ثقة فاجعل معرفتك بالله، مصدرًا للخبرات، ومنبعًا للمعارف ..
يقول الله تبارك وتعالى: "رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو العَرشِ يُلقِي الرُّوحَ مِنْ أَمرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَومَ التَّلَاقِ" ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :