هل سلامة يدري .. ؟؟


عمانيات - كتب محمد قطيشات -
يحكى ان شيخًا تسيد الأمر بين أهله وعشيرته، وكان يشحذ هممهم ويشد ازرهم ويصلح بينهم، ويسهر ليلًا ونهارًا على صالحهم، وبعد أن طعن بالسن أسند الأمر لأبنه الذي أعده لهذا اليوم، فأرسله إلى اهل الحكمة لينهل من حكمتهم وإلى أهل العلم ليتعلم منهم، ولكن مأخذهم عليه، كان أنه يحب الأنطواء والابتعاد عن تحمل المسؤولية والمواجهة، وحتى عن الانغماس بين الناس، والانكى انه كان يوكل جل الأمر إلى من حوله، والذين كان بينهم الصالح والطالح والامين والخائن..واخبروا والده بمآخذهم على ابنه وانه لا يصلح لسيادة القوم وتولي امرهم.. ولكن ورغم ذلك، قرر الشيخ الحكيم ان يغلب عاطفته على حكمته وان يسيد ابنه شؤون القبيلة ويسند اليه قيادتها ويصبح شيخًا مكانه.
احتفل أهل القبيلة والعشيرة بتسيد ابن حكيمهم وسيدهم وفرحوا ايما فرح وتنعموا بأن تولى أمرهم وتدبير شؤونهم الشاب، وعمت الفرحة.. وبعد ان رأى الحكيم الشيخ الفرحة والخير يستديم بين اهله وربعه، قرر الانتفاع بذلك وان يترك ابنه ليعتمد على نفسه وخرج في نزهة ليرفه عن نفسه، ويتنعم ويرتاح بما بقي له من سنوات العمر.
ولكن وبعد وقت قصير تفاجأ أهل العشيرة، بسوء احوالهم وتردي معيشتهم وهم لا يعملون عن شيخهم وكبيرهم وسيدهم سوى سوم تنصيبه ، وهم لا يلتقون ولايسمعون سيدهم، وان امرهم كله اصبح بيد مساعديه، فقرروا ان يصارحوا وقبلها أن يتشاوروا لما فيه مصلحتهم، خاصة بعد احدقت بمهم الاخطار وهددت قبيلتهم المجاعة والاسقام، فاقترح بعضهم وبعد اجتماعهم والذين تقصدوا علانيته ليصل الى مسامع سيدهم خبره.. اصر بعضهم المصارحة والمكاشفة وان يخبروا سيدهم الشاب بخطورة الامر وسوء الحال والذي اصبح لا يطاق، واقترح البعض الاخر بأن يخرج نفر من شباب العشيرة بحثًا عن شيخهم وحكيمهم ليخبروه ولعلهم يعود به ليصلح امرهم، بينما اقترح نفرا منهم تشكيل عصبة تضم مساعدي السيد الشاب ليدبروا امورهم ريثما ينبلج ويلوح بالافق الفرج.
ولكنهم تقطعوا امرهم بينهم، ولم يفلحوا باتخاذ القرار ودب الخلاف بينهم، فقرر كل العمل لوحده وبمفرده وبما اقترح، وظن اغلبهم ان ما حصل سيشحذ همة شيخهم وكبيرهم الشاب ليتدخل ويضع حدا لتمزق القبيلة وتشرذمها، ولكنه هيهات فهو لم يفعل.
ولكن شباب القبيلة اصحاب الهمة بحثوا وبحصوا عن سيدهم وحكيمهم حتى وجدوه، وهو بين اهل الحكمة وأكابر الناس يسودهم ويصلح شأنهم.وبسرعة البرق اخبروه، وصدموه بما أسمعوه، وقال قولته المشهورة...سلامة يدري..قالوا نعم انه يدري..وسلامة كان صاحب رأي سديد وحكمة وتركه الحكيم مستشارا لابنه ليساعده على تدبير الشؤون واصلاح الشؤون، ولكن الشاب والسيد الجديد وبعد توليه امر العشيرة ابعد سلامه عنه وصده واوصد الابواب في وجه ومنعه..ولكن الشيخ الحكيم شد الرحال وعجل بالعودة في الحال وتمكن وافلح وصلح وانقاذ العشيرة وجمع شملها.
خلاصة القول، هل سلامة يدري..؟؟
وكما، قال الخليل بن أحمد: الرجال أربعة، رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فاتبعوه، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك نائم فأيقظوه، ورجل لا يدري ويدري انه لا يدري فذلك مسترشد فأرشدوه، ورجل لا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :