نقطة ضعف بقلم الدكتورة ميرفت سرحان


كان يومًا عجيبًا .. قابلت فيه رشا -الطالبة في الصف العاشر- حيث ذكرت لي قصتها التي بدأت في أحد أيام العام الماضي، عندما ذهبت إلى المدرسة وهي حزينة جدًا ومشوشة .. مما أثار فضول زميلتها ليلى التي أخذت تسألها عن سبب حزنها، وتلح عليها أن تبوح لها بما جرى معها .. وبعد محاولات عديدة من ليلى؛استجابت رشا وأطلعتها على سبب حزنها قائلة: سأخبرك، ولكن عديني بأن لا تطلعي أحدًا على سري .. استغربت ليلى مما قالت رشا .. إذ كيف تفكر صديقتها بأنها يمكن أن تخبر أحدًا بسرها .. فحفظ الأسرار بين الأصدقاء أمر مفروغ منه .. أكملت رشا: كما تعرفين فأنا متفوقة في دراستي .. وأهلي يعاملونني معاملة حسنة .. لكنني أكره شكل وجهي كثيرًا .. انظري إلى شعري المجعد الذي يغطي جزءا من جبيني .. ولون بشرتي الذي تجاوز السمرة إلى السواد .. إن هذا الأمر يجعلني أكره مغادرة المنزل لأي مكان .. حتى المدرسة أخاف الوصول إليها .. أكره الطريقة التي ينظر فيها الناس لي .. هدأتني ليلى ورفعت من معنوياتي آنذاك .. ولكن قبل أسبوعين حصل خلاف بيننا .. وعندما ذهبت إلى المدرسة في اليوم التالي كانت نظرات الطالبات تلاحقني بسخرية واستهزاء .. وعندما دخلت الصف وجدت رسمة على السبورة لفتاة قبيحة كتب تحتها: "هههه هي السودا الي سلكة شعرها ملزقة بحواجبها" .. ومنذ ذلك اليوم لم أذهب للمدرسة ..
وبعد أن غادرتني رشا .. التقيت بمجيد الذي ذكر لي كيف تلاعب بأوراق زميل له قديم، ليسلب منه المنحة الدراسية .. ومع أن الموضوع قد مر عليه أعوام وسنين، إلا أنه شعر قبل فترة بتأنيب الضمير، وليخفف الحمل عن نفسه ذكر ما فعله لصديقه سعيد، الذي طلب منه أن يتجاوز عن الموضوع .. ففي النهاية كل شخص يحصل على نصيبه من هذه الحياة .. اقتنع مجيد بما قاله سعيد، فلو كانت المنحة من نصيب الزميل القديم لحصل عليها!!! .. ولكن .. قبل مدة حصل مجيد على ترقية في العمل .. مما أثار غضب سعيد الذي كان يعتقد أنه أحق بالترقية من مجيد .. وعندما حضر مجيد للعمل في اليوم التالي سمع همز ولمز بين الموظفين عن وجود أشخاص وصوليين، يسرقون حقوق الآخرين في الدراسة والعمل وغيرها .. ثم استدعاه المدير وسحب منه الترقية ..
جميعنا لدينا نقطة أو نقاط ضعف في جانب معين .. وكلنا يحمل بين جنبيه أسراره الخاصة .. وأحيانًا قد يكون حمل هذه الأسرار مرهقًا .. ولكن؛ مهما كان تعب حملها شاقًا .. فهو أخف من هَمِّ نشرها، وأهون من وجع فضحها ..
كثير من الأشخاص عند الخلافات يفجر .. لا يذكر عشرة، ولا يحترم صداقة، ولا يراعي صحبة .. يعميه الخصام .. فيذم زميله، ويهين رفيقه، ويجرح من كان في يوم عزيزًا عليه، ويكسر من كان محبًا له .. ولا يهمه إن كانت بعض الجروح لا تشفى .. وبعض الكسور لا تُجبر ..
نقطة ضعفك هي مفتاح منزلك .. الذي فيه أهل بيتك .. فإن ضاق صدرك، ولم يتسع لأن يخبيء نقطة ضعفك .. فكن فطنًا، واحذر قبل أن تقرر لمن تسلم مفتاح منزلك .. فالمتسللين كُثُر، واللئيمين أكثر ..
لا تلم غيرك عندما يفشي سرك .. فقد فعلتها أنت من قبل ..
يقول ربي تبارك وتعالى: "قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقصُص رُؤيَاكَ عَلَى إِخوتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيدًا إنَّ الشَّيطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ .." .. (يوسف: ٥) ..

الدكتورة ميرفت سرحان - مركز أنوار للاستشارات والتدريب




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :