كلمة رثاء في والدي .. كتبها:د. احمد عوض الرشود بني مصطفى


كلمة رثاء في والدي
في الذكرى الاربعين للرحيل
رغم المرض والضعف والعمر ... إلا ان الفراق مر ، افتقدنا مظلتنا رغم غزو الشيب للرأس وافتقدنا الوعاء الذي يجمع .... شعور كئيب يراودني على الدوام ومنذ اربعين يوما ، استذكر قصة والدي النموذج للانسان الاردني الذي نشأ على هذه الارض وعاش عليها وعمرها خير عمارة حرثها وغرسها وقطف من ثمارها جبل ترابها بحبات العرق لاكثر من ثمانين عاما لم يغادها يوما ....... يبدأ يومه مع خيوط الشروق الأولى وحتى الغسق ، عاش مخلصا أمينا لها ومات ويوارى الثرى قبالتها . ما لهذا الشوق اللامنتهي للأرض لا ينتهي ...لانها القضية الاولى بحياته فمنها شعر بغنى النفس وحريتها وكرامتها والاعتزازبها . وعلاقته بها علاقة حب ازلي صلى لله كل الفروض على ثراها .
من يذكر تلال ثغرة عصفور/ جرش بكل المقاييس يتذكر الحاج عوض الرشود بني مصطفى ذلك الفلاح الأمي الذي عاش اكثر من سبعين عاما مجاور ببيتة ومزرعتة الغناء الطريق الواصل بين العاصمة عمان ومدينة اربد (الطريق القديم ) بين شمال الوطن وجنوبه بين سوريا ولبنان وتركيا وشمال وشرق اوروباء مع الخليج العربي، لانه الطريق الوحيد أنذاك ، مثل نموذج الاردني ابن الارض في الانتاج والابداع والانتماء نموذج الاردني الذي أغاث كل من تقطعت به السبل على الطريق في تلك المنطقة في ليالي الشتاء القارص والثلوج المتراكمة حيث تعطل المركبات أو الاستراحة من طول الطريق صعودا حتى تلال ثغرة عصفور او مداهمة النعاس للعابرين ، كان متكاء لكل أهل بلدة سوف في رحلتهم الشتوية او الصيفية الى اراضيهم ومزارعهم في مناطق ثغرة عصفور وجبا والمناطق المحيطة ، كان بيته آمنا مفتوحا لكل من طلب الراحة والسكينه ليوم أو أكثر وكان وجها حضاريا لاولئك السواح الاجانب المارين حيث كان يقدم لهم ما تيسر من البيت وخيرات الأرض لانه يقول هؤلاء ضيوف ويجب اكرامهم ، كان صديقا للجميع نقيا تقيا أمينا مؤمنا بالله والارض.
كان رحمه الله وسطي التفكير والاصلاح بين الناس ، رغم اميته في القراءة والكتابة لكن كان يعشق الاردن بعقلة ليكون وطن بشعب عظيم .وملامح اردنية ، كان نموذج للعطاء بدون الاخذ وعلى الدوام .
لم يتزلف يوما او ينافق لاحد كان يقولها كلمة حق ويمضي ... كان عالي الهمة والهامه حرا طليقا كصقريبني عشا جميلا في الشمال .
لم يتعلم الكتابة والقراءة لكنه أتقن الرجولة والشهامة والتواضع والصدق ، أردني حر ابي ، لم تعنيه أو تكون هاجسه الوجاهات او طلب الصيت أو السمعه .
أرثي والدي ليس لأنه فقط والدي .... والرثاء ليس حكرا على من كان وزيرا أو عينا او صاحب مال او ثروة ، ولكني أرثيه كنموذج للأردني الأصيل الحقيقي الغني بكبرياء نفسه وعزتها أرثيه لانه كان يبني بايمان وصدق وتفان يأكل مما يزرع يحب الله والوطن ..... غادر بصمت الى خالقه مؤمنا محتسبا بلا ضجيج .... رحمك الله يا أبي يا تاج زماني ، يا صدر الحناني ،رحمك الله يا أبي ستبقى في دعائي وحديثي وندائي، أنت الكلام المردد في جوف قلبي أنت قلبي أنت ما دامت بي حياتي . رحمك الله . يمضي العمر بدونك جرح غائر بالاعماق وتمضي السنون باردة لا دفىء فيها .... رحمك الله يا أبي واسكنك فسيح الجنان .
د. احمد عوض الرشود بني مصطفى
دولة الامارات العربية المتحدة




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :