ذاهب لاصطياد البحر. بقلم: طلعت شناعة



بيني وبين البحر علاقة قديمة،فيها من الاختلاف بقدر ما فيها من الحب والحنين.
أول مرة رأيتُ البحر،كنتُ في مدينة «بورسعيد»،وتعرفتُ على «أول» صديق / مصري،وأول «طلب» كان أن يأخذني الى البحر.
استغرب الشاب واسمه «يحيى»،من رغبتي. واصطحبني الى «البحر المتوسط»،تماما عند التقاء «قناة السويس» بـ «البحر الابيض المتوسط».
لمحتُ من بعيد «موج البحر» العالي. كان شامخا مثل «شيخ وقور».
اقتربتُ أكثر،والفتى حائر بالضيف «الغريب الاطوار».
مارستُ طفولتي بعفوية ،دخلتُ الماء وتركتُه يتغلغل في مساماتي.
امتصّ الخوفَ من جسدي. صرنا صديقين،او هكذا ،شعرت.
بعدها، عبرتُ البحر،وليس « الشطّ» فقط، كما فعل كاظم الساهر. وكنتُ كل صباح أتأمل امواجه في ذهابي وايابي من « بورسعيد» الى حيث تقع الجامعة في « بورفؤاد». وبذلك كنتُ ارحل من قارة أسيا الى قارة أفريقيا خلال خمس دقائق ذهابا ومثلها ايابا.
كنتُ فرِحا بالنوارس وهي ترافقنا مثل»سرب حراسة». كانت «حنونة» وكان بعضنا يلقي لها الخبز في الماء فتغوص وتلتقط طعامها و»تتمشّى» بدلال مثل عروس.
كنتُ أقرأ عن البحر،والجأ اليه،كلما اصابني «كرْب» او زارني « همّ».
واخيرا،سكنتُ الى جواره..
وصار عنوانا لمزاجي.. اسير خطوات عن بيتي،فأرى صديقي البحر بانتظاري .
كان ذلك يحدث كل مساء.. احمل»شمسيّتي» و»مقعدي» الخشبي وكنتُ اتحرّر من قيود الملابس،فأرتدي ما خفّ منها وما يناسب الّرمل .
كنتُ ألقي عينيّ في امتداد « الأزرق اللازوردي»،أسافر نحو البعيد.. البعيد.
كنتُ ابحثُ عنّي هناك خلف الغيم..
كنتُ أبحثُ عن حُلُمي
وما زلتُ اراود البحر عن « حُلُمي» وعن «رغباتي».
سافرتُ تلى بحار كثيرة في " تونس " و " بيروت " و " بريطانيا " و " امريكا " و " قبرص " و " أوكرانيا " و " الكويت " و " البحرين: و " قطر " و.. ماليزيا وغيرها وغيرها.

اليوم..
وبعد سنوات
سوف اذهب لاصطياد البحر
نعم ،سوف أفعل ..
على سواحل " الجبيهة " .. !




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :