إزالة الجسور بقلم: طلعت شناعة



تحتفظ ذاكرتنا بدفء ما وعلاقة ما بالجسور بدءا من»جسر العودة «مرورا بـ»جسر اللوزية « اللذين غنت لهما فيروز أيضا وصولا الى»جسر الدستور»الذي نغني له كل يوم أغنية هاني شاكر» فراقك صعب أكيد « .
ذاكرتنا الشعبية ـ نحن البسطاءَ ، الذين نجد في هذه الأماكن ملاذا لنا من حوادث المرور ومن» تهوّر» بعض السائقين وبخاصة في الشوارع الخطرة مثل «شارع الجامعة «، نحنُّ الى هذه الجسور ولنا في أفيائها « ذكريات» ربما يعتبرها سوانا «هايفة «مثل علاقتنا اليومية بالمتسوّلين الذين بتنا نحفظ طرق تسولهم وأحيانا نستعين بهم عندما نحتاج الى» قروش فراطة «قبل أن نصعد الى الباصات ويُحرجنا « الكونترول «بكلمة : اللي معوش فراطة.. يِنزل».
كما أننا نهرب اليها ( الجسور ) حين تشتد وطأة المطر ونتوقف تحتها متأملين طوفان السيارات المتدفقة وفي ذلك فوائد»مجانية «حيث تجعلنا نعيش لحظات «رومانسية « نادرة.
كما أن الحراك الإنساني والتزاحم والتدافع من والى»الجسر» يرفع من سويّتنا الآدمية التي تختفي أحيانا بفعل لهاثنا اليومي. فنجد كائنات بسيطة من طلبة بملابس عجيبة وصبايا متعجلات للعودة الى بيوتهن ويتشاغلن بالموبايلات لإشعار المُتبصبصين بأن ثمة من ينتظرهن وبالتالي يشعرن بالأمان.
ومع بدء العمل ب» الخط او الباص السريع»، حاول المتربصون بأحلامنا زيادة أوجاعنا وقاموا بإزالة جسور المشاة بالتدريج . فاختفى»جسر الزراعة « و» جسر المُشاة « وغيره من « الجسور» التي بتُّ افتقدها بسبب « علاقتي التاريخية « بها كمواطن « مشّاء» اي كثير المشي.
وأمس كنتُ في الباص فأشار أحد الركاب أنه يريد النزول عند»جسر الهاي وي» ورد عليه الكونترول» قصدك اللي كان جسر ، يرحم ما فقدت».
وبالفعل لاحظت أن الجسر المذكور قد» اختفى» أيضا.
يبدو ان كل الجسور سوف تختفي باستثناء « جسر عبدون «،ربما خدمة للاخوة الراغبين بالانتحار.
قبل ايام كنتُ ذاهبا الى « الجريدة»، وحين سألني الكونترول»وين نازل « ؟ قلت له : عند «جسر الدستور «.
، فهزّ رأسه وحمدتُ الله أن الجسر لم يختف حتّى الآن ..
حتّى الآن ..!!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :