( على مين الحق؟ ومع مين؟!!") .. بقلم الدكتورة ميرفت سرحان ..


عمانيات -
في وقت متأخر من مساء الأمس .. اتصلت بي إحدى السيدات، وكان يبدو على صوتها الحزن والغضب .. قالت: أشعر وكأني مخنوقة، وأريد أن "أفضفض" معك قليلاً ..
قلت: تفضلي ..
أخذت السيدة تنهيدة طويلة .. وقالت: ماذا أشكو؟! وماذا أقول؟! .. هل أحكي لك عن سوء طباع زوجي؟! أم عن قسوة معاملة والدتي؟! أو عن لؤم مديري؟! أو عن فظاظة جارتي؟! أو .. أو ..
لمَ أصبح تعامل الناس مع بعضهم بهذا الشكل؟! لماذا كل هذه القسوة، وسوء العشرة، وانعدام الأخلاق؟! .. والله لم نعد ننتظر خيراً من أحد .. كل ما نريده أن يكفينا الناس شرورهم فقط ..
وأكملت تقول: والمفارقة يا دكتورة أن أيًا منا لا يُقر ولا يعترف أنه مخطئ .. بل كلنا على صواب ..
فإذا كان الأمر كذلك .. إذن ("على مين الحق؟ ومع مين؟!!") ..

قلت: أن يُسيء أحدهم إلى الآخر .. أو أن يُخطئ أحد ما في حق غيره؛ كأن يستغله، أو يحقره، أو يسلبه حقه، أو يشتمه، أو، أو .. فهذا أمر طبيعي أن يحدث ما دامت التعاملات بين الناس، وما استمرت العلاقات بينهم ..
وكل شخص -أيًا كان- هو عرضة لأن يؤذى من غيره .. ولكن .. كما يتوجب عليه أن يرد هذا الأذى عن نفسه؛ فعليه أن لا يلجأ لأي وسيلة لا ترضي الله .. وإن عَدِم هذه الوسيلة فعليه أن يصبر ..
فكل منا مُقدر له أن يُفتتن، ومأمور أن يصبر .. فهذه سنة الله في خلقه ..
يقول الله تبارك وتعالى في سورة (الفرقان، الآية: 20):
"وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ .. .." ..

وأما الإصرار على الخطأ، وعدم اعتراف المذنب بذنبه .. فربما يعود لكبر في نفسه، يمنعه أن يعترف بخطئه .. أو لأنه لبس الحق بالباطل، والباطل بالحق، وتعمد أن يتغافل عن أن هذا الأمر قد نهى الله عنه ..
يقول تبارك وتعالى:
"وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" ..
(البقرة: 42) ..

ونعود .. مَن هو صاحب الحق، ومَن المخطئ؟! ..
فإذا طرحنا السؤال بشكل أوضح: لماذا تكثر شكاوى الجميع من سوء تعامل الجميع؟! .. ولماذا لا يتردد الجميع من إيذاء الجميع؟! ..
ولماذا ازداد ظُلم الناس للناس .. ولماذا تسوء العلاقات ..
والأهم من هذا وذاك .. لمَ لا يستطيع الكثيرون تعريف الخطأ، وتحديد الإساءة؟! ..
أعتقد أن تفسير الأمر ببساطة يعود إلى أننا تجاهلنا شرع الله .. ورضينا أن نُحكِم أهواءنا فيما شَجَر بيننا .. ولهذا انتشر، وازداد الشقاق بيننا ..

يقول ربي تبارك وتعالى:
"فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" ..
(النساء: 65) ..

ويقول عزّ وجلّ:
" .. فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ" ..
(البقرة:١٣٧) ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :