تجارة الموت السم الابيض. بقلم: امل خضر


"المخدرات تجارة الموت" هذه حقيقتها و توصيفها الحقيقي الذي لا بدّ لكل إنسان من الانتباه منه والابتعاد عنه، وتكمن خطورتها في عدم قدرة الأطباء على توقع تأثيراتها السلبية التي تؤدي في غالب الأحيان إلى موت المُدمن دون قدرة الأطباء على التدخل أو حتى إنقاذه، ومن المؤسف أنّ أكثر ضحايا المخدرات هم من الشباب واليافعين الذين يبحثون عن كل جديد محاولين تجربته.
فالمخدرات هلاك للعقل والجسد اذ تعد من أخطر المواد التي يتعرض الإنسان لها في حياته والتي تؤدي إلى الإدمان، حيث لا يستطيع العيش من دونها، ما يؤدي إلى هلاك في أعصاب المتعاطي وجسده وعدم قدرة على التوازن أو حتى أداء المهام اليومية بنجاح.
وللمخدرات أنواع مختلفة حيث تختلف التأثيرات الجانبية ما بين نوع وآخر فهي تختلف ما بين قوي وخفيف ولكن على كافة الأحوال تبقى المخدرات مادة سامة تداهم الأعصاب وتحاول أن تقضي عليها .
والمخدرات ليست بذات الثمن الرخيص على الإطلاق، وبذلك لا تقف أضرار المخدرات على الجانب الجسدي والصحي فقط، بل تتعداها إلى أن المدمن يهلك ماله ونفسه ووقته وروحه.
إنّ الإنسان الذي يدمن تعاطي المخدرات يُدمر عقله رويدًا رويدًا فلا يستطيع التركيز على شيء من الأمور ومن أخطر الأشياء التي يتأثر بها العقل هو الشعور المؤقت بالسعادة الذي يهبه المخ للجسد بعد تعاطي تلك المادة المخدرة، ثم تبدأ الرغبة الملحة على الإنسان في تكرار تلك التجربة فيفقد الشخص السيطرة على نفسه ويبدأ بالمداومة على تلك المادة مما يؤدي فيما بعد إلى ضمور في المخ وعدم قدرته على أداء المهمات الحيوية التي كان يفعلها من قبل بكل بساطة، ويؤثر ذلك بشكل مباشر على حياته العملية سواء كان ذلك في بيئة العمل -هذا إن كان ما يزال مستمرًا في عمله- أو في حياته الأسرية التي تكاد أن تهدم بسبب المخدرات.
اذ لا يُمكن إحصاء المساوئ التي تتركها المخدرات ، حيث يصبح الجهاز العصبي غير مربوط بإرادة الإنسان، أي إنّه يصبح للإنسان ردات فعل غير إرادية وغير متوقعة أصلًا.
وبعض أنواع المخدرات تصيب الإنسان بالخمول الزائد والكسل وبعضها الآخر يصيب الإنسان بالنشاط الزائد وكلا الأمرين يسببان تلفًا للجهاز العصبي، عدا عن التقرحات التي تظهر على الجسد وتورم العينين وضعف النظر وتفتت العظام وعدم الرغبة في الحياة مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى خلق رغبة عند الإنسان بالانتحار أو الموت والهلاك، ويصبح الشغل الشاغل للمدمن هو تعاطي تلك المادة وتأمين المال الذي يُمكنه من التعاطي.
إنّ تأثير الإدمان وآثار تعاطي المخدرات لا تتوقف على الشخص نفسه أبدًا بل يُؤثر التعاطي سلبًا على أفراد المجتمع كافة الذين يعيشون مع الشخص المدمن، حيث إنّ عصبيته الزائدة تؤثر على حياته الأسرية مما يؤدي إلى التفكك الأسري وخروج الأولاد عن طاعة أبيهم حال كان هو المدمن وهروبهم إلى الشارع الذي سيعيدهم إما إلى طريق أبيهم أو إلى عالم الإجرام والسرقة والتسول وغيرها من الآفات المجتمعية التي باتت لا تخفى على أي أحد.
إنّ إدمان المخدرات يُدمر مجتمعًا بأكمله وليس شخصًا بعينه، إنّه يجعل الرذيلة سائدة على الفضيلة ويحول البيئة الاجتماعية إلى مستنقع يصعب تطهيره وتنظيفه .
المخدرات تؤدي إلى الاكتئاب والقلق فيعيش المدمن حالة من الهذيان إثر ذلك فهو غير قادر على فعل أي شيء ويصبح محط إيذاء لغيره فيصبح غير مرغوب به في المجتمع أو حتى بين أقاربه، وتبدأ مشاعر الجميع بالتغير نحوه فهو لم يعد ذلك الإنسان الإيجابي الذي يرغب الناس دائمًا بالالتفاف حوله.
إنّ التعافي من تعاطي المخدرات ليس بالأمر الهين على الإطلاق ولكنه في ذات الوقت ليس أمرًا مستحيلًا، حيث يمكن للإنسان الإقلاع عن تلك العادة المدمرة من خلال مجموعة من الأفعال.
أولها إجراء فحص طبي شامل يحدد الأجزاء المتضررة من الجسد وكيفية علاجها، ومن ثم العرض على طبيب نفسي حتى يتمكّن من تحديد مدى الأذى الذي أصاب المتعاطي إثر تلك السموم، ثم في نهاية الأمر اختيار برنامج علاجي يتوافق مع الحالة التي يعاني الإنسان منها، مع الرقابة الدائمة إمّا في المصح أو في المنزل من قبل عائلته وأقربائه، ولا شيء يستحيل مع الإرادة والرغبة في الشفاء، والله في عون الإنسان الذي يعزم على التغيير في حياته إلى الأفضل .
المخدرات آفة تسرق الشباب من حاضرهم ومستقبلهم إنّ المخدرات سرقت من النّاس أنفسهم وحاضرهم فلا يقدر المدمن على فعل شيء فهو منشغل البال دائمًا يبحث عن ذاته فلا يجدها إلا في المخدرات والتعاطي والسعي وراء السعادة الزائفة التي لا تدوم سوى بضع من اللحظات ليعود بعد ذلك كئيبًا خائفًا يخشى الحياة ويشتهي الموت.
المخدرات السم الابيض هي النقمة الحقيقية التي يعاني منها أفراد المجتمع وبخاصة الشباب اليافع، ولا بدّ من حملات توعية وان يكون لكل منا دور في محاربة هذه الافة ونشر الوعي والتسلح تسلحا كاملا وكأننا نستعد لحربا لانها في الحقيقة حرب تستهدف الشباب وبالتالي المجتمع و الدولة فلبد من التجهز ودق جرس الخطر لما لها من اثار تدميرية على الذات بل وقدرتها على تدمير المجتمع بأكمله، وحري بالإنسان أن يعمل على إعمار هذه الأرض وترك أثرًا طيبًا فيها، فيحمده الناس بعد موته




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :