اللَّهمَ أَعزنا بأشباه عمر .. بقلم الدكتورة ميرفت سرحان ..


في أحد ليالي الشتاء البعيدة .. وبينما كنا نتسامر أنا وعائلتي .. سألت أمي -رحمها الله- أخي الصغير؛ ماذا الذي تعلمته في المدرسة لهذا اليوم يا بني؟! .. قال أخي: لقد حكت لنا المعلمة عن رجل ورع وكريم وقوي .. وقالت أنه كان أمير للمؤمنين وخليفتهم .. وكان اسمه عمر بن الخطاب .. وقد ذكرت لنا قصة له .. قالت أمي -رحمها الله- ماذا تقول القصة يا بني؟ ..

واسمحوا لي أن أسرد لكم القصة بالعامية كما ذكرها أخي عندما كان صغيرًا ..

قال أخي: قالت المعلمة:
"عمر بن الخطاب .. كان أمير المؤمنين .. وكان يحب الفقرا كتير كتير .. في يوم من الأيام كان عمر يتفقد الرعية .. شاف ضو بعيد بعيد .. قرب عليه .. شاف مراه مشعلة نار وحاطة عليها طنجرة كبيرة .. وحوليها ولاد صغار عم يبكوا .. قلها ليش ولادك عم يبكوا .. قالتلو بردانين وجوعانين .. واحنا ما عنا أكل .. قلها سيدنا عمر: شو في بالطنجرة .. قالتله: مي وحجارة بضل أحركهم عشان الأولاد يفكروا إنه الأكل لسى ما استوى .. ويتعبوا ويناموا .. زعل سيدنا عمر بن الخطاب كتير .. وراح بسرعة بسرعة قبل الأولاد ما يناموا وجاب تنكة سمنة وكيس طحين كبير .. وطبخ هو للأولاد وطعماهم .. وأكلوا وشبعوا حتى ناموا .. وبعدين خصصلهم مبلغ من بيت مال المسلمين .. وضل يتفقدهم دايما ..
إلى هنا إنتهت القصة ..

وبعيدًا عن تواضع سرد القصة .. وبعيدًا عمَّن ضعَّف صحة خبرها بهذه الصيغة ..
إلا أنَّ كلَ مَن قرأ عن عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه .. أو عرف سيرته .. أو حتى سمع أيًا من قصصه .. فهو أكيد بأن عمر لم يهدأ له بال، ولم يغمض لديه جفن؛ بمجرد أنه علم بأن هنالك أطفال جوعى ..
لذا .. فإن كل مَن عرف ابن الخطاب؛ فإنه سوف يبكي هذا الرجلَ العظيم، وينعى أيامه .. ثم سوف ينشدُه مستجديًا:
ما عاد الأمر مقتصرًا على الجوع والبرد يا عمر! ..
فأطفال غزة يبكون خوفًا وبردًا وجوعًا وعطشًا يا عمر ..
أطفال غزة يبكون حسرةً وقهرًا وألمًا ووجعًا يا عمر ..
أطفال غزة يبكون قصفًا ودمارًا وموتًا يا عمر ..
أطفال غزة يبكون يُتمًا وفقدًا وضياعًا وتشردًا وشتاتًا يا عمر ..
أوتدري أن منهم مَن أضحى أشلاءً يا عمر؟! ..

ما أحوجنا إليك عمر ..

اللَّهمَ إنَّ نبيك قد دعاك: "اللَّهمَ أعزَّ الإسلام بعمر بن الخطاب" .. فاستجبت له ..
اللَّهمَ ونحن ندعوك: "اللَّهمَ أعزنا بأشباه عمر" .. فاستجب لنا .. لعل الحال بأمرك مولاي على أيديهم أن يتبدل ..

"مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" ..
(الأحزاب: 23) ..

"وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" ..
(الأنفال: 10)




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :