الطوابير .. المشهد المألوف في غزة بقلم: حازم الخالدي




غزة مدينة تختلف عن كل المدن العربية والعالمية ، الحياة فيها لا تشبه أي مدينة في العالم، يوميات الحياة في غزة ليس لها نهاية ، غزة منحها الله اسما مختلفا عن كل المدن، فارتبطت بالقوة والمنعة والصمود، فقد تحملت كل الضغوط العسكرية والاجتماعية والثقافية...تحملت ويلات الحروب .
غزة التي خاضت أطول الحروب في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، لا تملك وقتا للحزن على من رحلوا فإذا سقط شهيد سرعان ما يأخذ بيده شهداء، غزة لا تعرف البكاء لأن أهل غزة يعيشون مع يومهم وكأنهم ملتزمون بالاستشهاد، فيصبح الحزن أكبر من الذكريات ..
منذ أن يشق الصباح طريقه لا ينهض ابن غزة متثاقلا لأنه يرفض الاستسلام ، ولكنه يخرج من بيته إلى الشارع ليبحث عن حياته وكأن الضوء يخطفه إلى العيش مع أزماته اليومية..
في غزة يبدأ اليوم مختلفا فتجد الأهالي وبالذات الرجال والشباب يصطفون في طوابير بحثا عن الطعام، يمكن أن تتوقف لأكثر من خمس ساعات لتحصل على مياه نظيفة بعد أن تلوثت المياه الرئيسية وقطع الاحتلال شبكات المياه حتى لاتصل إلى المواطنين..
الطوابير لا تنتهي كما هي الحروب التي تفرض على غزة لا تنتهي ، فقد تصل الطوابير إلى الآلاف ممن يبحثون عن رغيف خبر ، أو تقف في طابور لساعات لتحصل على كمية قليلة من الطحين وأحيانا ينتهي يومك وقد نفذت الكمية الموجودة ..
كل ما يلزم في غزة يجعلك تقف في طوابير طويلة.. فإذا اردت أن تشحن جهاز( الموبايل) ربما تتوقف لساعات ؛ أنت مجبر على هذه الوقفة حتى لا يبقى جهازك مغلقا، مجرد أن يفتح الموبايل؛ فأنت تُسعد من يطمئن عنك فأنت ما زلت حيا وتعيش وسط مواجهات الموت وأنقاض المنازل التي لم يعرف من ذهب بداخلها أو بقي حيا ..
المشهد اليومي للطوابير في غزة لا ينقطع، الآن ظهرت مشكلة اسطوانات الغاز التي قد يقف فيها الناس في أكبر الطوابير بعد أن انقطعت كميات الغاز التي تلبي حاجات الناس ، ليضطر الغزيين إلى استخدام المواد الأولية من الحطب والقش ،وصلت إلى أن أحد أكبر التكيات التي توزع الطعام المجاني إلى الناس، توقفت عن العمل في منطقة دير البلح لعدم توفر الكميات اللازمة من الغاز ، الأمر الذي يفاقم من أزمة الجوع لدى آلاف النازحين ..
لا تظن أن المشهد اليومي في غزة أن يتساقط الشهداء الذين لا تجد وقتا لوداعهم ، ولكن المشهد اليومي المألوف والأكثر ألما أن ترى الناس يقفون في طوابير من أجل البحث عن الحياة ..
ينتهي اليوم في غزة وأنت ما زلت في الطوابير ..
أحد الغزيين قال " والله لو رأيتم قهر الناس في غـزة لما صدقتم أن بشراً يستطيع أن يتحمل كل هذه الأهوال ويبقى على قيد الحياة ولا يموت"




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :