كائنات من « الباطون " بقلم: طلعت شناعة


بصراحة :
هل بلّد الناس، ولم يعد يؤثّر فيهم كتابة ولا موسيقى ولا فن ولا أي شيء مما (كان) في الماضي؟
أعتقد، نعم. وهذا ما أشعر به، انا وسواي من الكائنات التي لا تزال ربما لـ حالة مَرَضيّة تؤمن بالقيم والمبادىء أو ما تبقّى منها في بحر العالم المتدفّق نُكرانا وجحودا و سبهللة و ارتجالية و استسهالا .
تسير في الشوارع فتشعر ان الناس ـ معظم الناس ـ تفعل ما يخطر ببالها دون مراعاة لمشاعر الآخرين. بل أنّك تشعر أنك غريب .
وحتى الاحاسيس التي كانت (زمان) تحرّكنا وتجعل الواحد منا يبكي لمجرد مشاهدته لمشهد مؤثّر في فيلم هندي، أصبحت غير موجودة، بل اننا نرى اشخاصا يُذبحون جهارا نهارا، ولا ترتعش شَعرة من أجسادنا.
بلّدنا.
تمْسَحنا.
صرنا كائنات من « الباطون والإسمنت».
واذا ما تجرّأت وتحّدثت لأحد عن المشاعر، أدار ظهره وأغلق أُذنيه كي لا يسمعك.
حتى نحن الكُتّاب، بدأنا نشعر، في معظمنا ـ ، بالإحباط من عدم جدوى ما نقترفه من كتابات تتناول الحياة.
والسؤال: ماذا يريد هؤلاء المتصارعون على المصالح التي تتضارب وتتناقض ويدفعون ثمنها من راحة بالهم ومن أرواحهم التي تحلّق مثل الفراشات حول النار، لتهوي بعدها الى الدّرَك الأسفل.
لهاث لا ينتهي وخيل تسابق خطواتها، وثمة سوط لا يتوقف صاحبه عن لسع الأجساد الهاربة والمتزاحمة بلا توقف.
وحين تسأل أحدهم: متى ضحكت آخر مرّة. يقول لك: دعني اتذكّر!
ثراء يظهر في الموبايلات والسيارات والبيوت، ولا سعادة ولا راحة. وهذا يذكّرني بسؤال طرحه المدرّس على الطلبة: هل تفضّل ان تكون غنيا ومريضا، او فقيرا وسليما. فردّ احدهم: أريد ان اكون غنيّا وسليما.
واضح أنني مُحْبَط من حالة عامّة. وانا المتشبّث بالرومانسية والقابض على جمر الحبّ.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :