مياه الأمطار تتسلل إلى أجساد أهالي غزة بعدما تمزقت خيامهم
عمانيات - لليوم الثاني على التوالي، يستيقظ النازحون الفلسطينيون في قطاع غزة، والذين دمرت إسرائيل منازلهم ورفضت إدخال بدائل الإيواء لهم، على مياه الأمطار وهي تتسلل إلى أجسادهم بعدما غمرت خيامهم وجرفت معها أمتعتهم الصغيرة.
أصيب النازحون الذين هرعوا لانتشال أطفالهم بحالة من القهر بعد أن سرقت منهم هذه "الكارثة الطبيعية" آخر ما يملكون من أماكن للإيواء وأمتعة.
بأجساد ترتجف وأقدام حافية، حاول النازحون بينهم أطفال إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أمتعتهم التي لم تتبلل بعد بمياه الأمطار، أو تلك التي اكتست بالطين لكن لم يتبق لديهم غيرها.
هذا المشهد عمّ سائر أنحاء القطاع، حيث تكتظ أي مساحة خالية من الأبنية المدمرة بخيام النازحين التي نُصبت على أراضٍ رملية تحولت بفعل مياه الأمطار إلى برك من المياه والطين.
وتتأثر الأراضي الفلسطينية، لليوم الثاني، بمنخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية باردة وأمطار ورياح، حيث تشير معطيات الأرصاد الجوية الفلسطينية إلى انحساره مساء الأحد.
ويعيش النازحون، البالغ عددهم وفق تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي 1.5 مليون فلسطيني، واقعًا مأساويًا بسبب انعدام مقومات الحياة وصعوبة الوصول إلى مستلزمات أساسية ونقص تقديم الخدمات الحيوية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي.
ويتخذ معظم هؤلاء النازحين من الخيام التالفة مأوى لهم، فيما قدّر المكتب الحكومي نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي أن نسبة الخيام التي لم تعد صالحة للإقامة في القطاع بلغت نحو 93 بالمئة، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفًا.
وعلى مدار نحو عامين من الإبادة تضررت عشرات آلاف الخيام بفعل القصف الإسرائيلي الذي أصابها بشكل مباشر أو استهدف محيطها، فيما اهترأ بعضها بسبب عوامل الطبيعة من حرارة الشمس المرتفعة صيفًا والأمطار والرياح شتاءً.
ومع غرق هذه الخيام، لم يتبقَّ للنازحين الفلسطينيين أماكن بديلة للإيواء، حيث دمرت إسرائيل خلال العامين الماضيين 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية، بخسائر أولية قدرت بحوالي 70 مليار دولار.
في إحدى زوايا مخيمات النازحين، وفي مشهد يراه البعض عابرًا لكنه يلخص مأساة النزوح، يسير طفل لم يتجاوز عشرة أعوام بخطى متسارعة حافي القدمين، خارجًا من خيمته الغارقة بالأمطار، يحمل بين ذراعيه بعضًا من الأمتعة يحاول إنقاذها وإيصالها إلى مكان لم يتبلل بعد بالمطر.
هذا الطفل، الذي ظهر في مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي، شمر بنطاله الرقيق حتى ركبتيه غير آبه بلسعات البرد القارس التي تضرب جسده الصغير، يمشي بينما تغرق قدماه في برك المياه والطين، متذمرًا من هذه الحياة التي حمّلته مسؤوليات أكبر من عمره وحرمته من أبسط حقوق الإنسانية والطفولة من منزل دافئ وآمن.
ومن حوله، أطفال آخرون يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خيامهم الغارقة، أحدهم يرتدي سترة صيفية رقيقة لا تقي لسعات البرد، ويمسك بغطاء شتوي ثقيل، يرفعه بكل ما يملك من قوة للأعلى ليمنع ملامسته للأرض وتبلله بالمياه.
بينما يقف بعض الفلسطينيين أمام خيامهم المبللة في حالة من الصدمة بعدما فقدوا آخر ما يملكونه في هذه الحياة: "خيمة مهترئة وبعض الأمتعة".
الأمطار جرفت الأمتعة
في مقطع فيديو آخر يوثق المأساة التي حلت بالنازحين جراء المنخفض الجوي، يقول أحد الأطفال إنهم استيقظوا على تسلل مياه الأمطار إلى داخل خيمتهم.
وأوضح أن كافة أمتعتهم تبللت بالمياه، فيما تلف الطعام القليل الذي حصلوا عليه وسط أوضاع اقتصادية متردية.
وأشار إلى أن مياه الأمطار التي غمرت خيمتهم جرفت معها المستلزمات الصغيرة كالأحذية، إذ لم يجدوا أيا منها داخل الخيمة وباتوا حفاة.
وبصوت مليء بالقهر، تساءل الطفل: "أين سننام ليلتنا؟" ليجيب مستنكرًا: "بالشارع".
"القلوب تبكي"
في خيمة أخرى غمرتها المياه بمنطقة المواصي غربي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، كانت الفلسطينية مريم أصليح، الحامل في شهرها التاسع، تعيش واحدًا من أقسى أيامها.
تقول بصوت مليء بالقهر إن جسدها وأجساد أطفالها "ترتجف بشدة" جراء البلل والبرد.
وأوضحت أنها في لحظات الغرق الأولى سارعت لإيقاظ أطفالها النيام وإخراجهم من الخيمة خشية إصابتهم.
ورغم ظروف الحمل الصعبة، إلا أنهم حاولوا إخراج المياه من الخيمة عبر آنية بلاستيكية إلا أن الأمر لم ينجح، وبقيت بركة المياه داخل الخيمة.
وأشارت إلى أنهم حفروا أيضًا مجاري لمساعدة المياه على التسلل إلى الخارج، لكن ذلك لم يعطِ نتيجة.
وتقول بصوت مكسور: "لم يتبق لدينا أغطية ولا فراش.. القلوب من الداخل تبكي دمًا جراء هذه الأوضاع".
وفي وقت سابق السبت، قال جهاز الدفاع المدني في بيان إن طواقمه "تتعامل مع عشرات الخيام في مخيمات النازحين، إثر تعرضها للغرق في عدة مناطق بمواصي خان يونس"، فيما أكد الجمعة غرق المئات من الخيام بمناطق مختلفة.
وفي بيان له، قال المكتب الحكومي بغزة الجمعة إنه مع دخول فصل الشتاء بقوة "تتزايد معاناة المواطنين وتتفاقم المأساة الإنسانية لقرابة مليون ونصف إنسان يعيشون حياة النزوح في الخيام، بعدما أغرقت مياه الأمطار خيامهم البالية ومزقت الرياح العاتية ما تبقى منها".
وأضاف أن غزة تحتاج إلى "ما لا يقل عن 250 ألف خيمة و100 ألف كرفان كمأوى مؤقت لحين إعادة الإعمار".
ومع تفاقم هذه المعاناة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال مواد الإيواء من خيام وبيوت متنقلة، متنصلة من التزاماتها التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت.
أصيب النازحون الذين هرعوا لانتشال أطفالهم بحالة من القهر بعد أن سرقت منهم هذه "الكارثة الطبيعية" آخر ما يملكون من أماكن للإيواء وأمتعة.
بأجساد ترتجف وأقدام حافية، حاول النازحون بينهم أطفال إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أمتعتهم التي لم تتبلل بعد بمياه الأمطار، أو تلك التي اكتست بالطين لكن لم يتبق لديهم غيرها.
هذا المشهد عمّ سائر أنحاء القطاع، حيث تكتظ أي مساحة خالية من الأبنية المدمرة بخيام النازحين التي نُصبت على أراضٍ رملية تحولت بفعل مياه الأمطار إلى برك من المياه والطين.
وتتأثر الأراضي الفلسطينية، لليوم الثاني، بمنخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية باردة وأمطار ورياح، حيث تشير معطيات الأرصاد الجوية الفلسطينية إلى انحساره مساء الأحد.
ويعيش النازحون، البالغ عددهم وفق تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي 1.5 مليون فلسطيني، واقعًا مأساويًا بسبب انعدام مقومات الحياة وصعوبة الوصول إلى مستلزمات أساسية ونقص تقديم الخدمات الحيوية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي.
ويتخذ معظم هؤلاء النازحين من الخيام التالفة مأوى لهم، فيما قدّر المكتب الحكومي نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي أن نسبة الخيام التي لم تعد صالحة للإقامة في القطاع بلغت نحو 93 بالمئة، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفًا.
وعلى مدار نحو عامين من الإبادة تضررت عشرات آلاف الخيام بفعل القصف الإسرائيلي الذي أصابها بشكل مباشر أو استهدف محيطها، فيما اهترأ بعضها بسبب عوامل الطبيعة من حرارة الشمس المرتفعة صيفًا والأمطار والرياح شتاءً.
ومع غرق هذه الخيام، لم يتبقَّ للنازحين الفلسطينيين أماكن بديلة للإيواء، حيث دمرت إسرائيل خلال العامين الماضيين 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية، بخسائر أولية قدرت بحوالي 70 مليار دولار.
في إحدى زوايا مخيمات النازحين، وفي مشهد يراه البعض عابرًا لكنه يلخص مأساة النزوح، يسير طفل لم يتجاوز عشرة أعوام بخطى متسارعة حافي القدمين، خارجًا من خيمته الغارقة بالأمطار، يحمل بين ذراعيه بعضًا من الأمتعة يحاول إنقاذها وإيصالها إلى مكان لم يتبلل بعد بالمطر.
هذا الطفل، الذي ظهر في مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي، شمر بنطاله الرقيق حتى ركبتيه غير آبه بلسعات البرد القارس التي تضرب جسده الصغير، يمشي بينما تغرق قدماه في برك المياه والطين، متذمرًا من هذه الحياة التي حمّلته مسؤوليات أكبر من عمره وحرمته من أبسط حقوق الإنسانية والطفولة من منزل دافئ وآمن.
ومن حوله، أطفال آخرون يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خيامهم الغارقة، أحدهم يرتدي سترة صيفية رقيقة لا تقي لسعات البرد، ويمسك بغطاء شتوي ثقيل، يرفعه بكل ما يملك من قوة للأعلى ليمنع ملامسته للأرض وتبلله بالمياه.
بينما يقف بعض الفلسطينيين أمام خيامهم المبللة في حالة من الصدمة بعدما فقدوا آخر ما يملكونه في هذه الحياة: "خيمة مهترئة وبعض الأمتعة".
الأمطار جرفت الأمتعة
في مقطع فيديو آخر يوثق المأساة التي حلت بالنازحين جراء المنخفض الجوي، يقول أحد الأطفال إنهم استيقظوا على تسلل مياه الأمطار إلى داخل خيمتهم.
وأوضح أن كافة أمتعتهم تبللت بالمياه، فيما تلف الطعام القليل الذي حصلوا عليه وسط أوضاع اقتصادية متردية.
وأشار إلى أن مياه الأمطار التي غمرت خيمتهم جرفت معها المستلزمات الصغيرة كالأحذية، إذ لم يجدوا أيا منها داخل الخيمة وباتوا حفاة.
وبصوت مليء بالقهر، تساءل الطفل: "أين سننام ليلتنا؟" ليجيب مستنكرًا: "بالشارع".
"القلوب تبكي"
في خيمة أخرى غمرتها المياه بمنطقة المواصي غربي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، كانت الفلسطينية مريم أصليح، الحامل في شهرها التاسع، تعيش واحدًا من أقسى أيامها.
تقول بصوت مليء بالقهر إن جسدها وأجساد أطفالها "ترتجف بشدة" جراء البلل والبرد.
وأوضحت أنها في لحظات الغرق الأولى سارعت لإيقاظ أطفالها النيام وإخراجهم من الخيمة خشية إصابتهم.
ورغم ظروف الحمل الصعبة، إلا أنهم حاولوا إخراج المياه من الخيمة عبر آنية بلاستيكية إلا أن الأمر لم ينجح، وبقيت بركة المياه داخل الخيمة.
وأشارت إلى أنهم حفروا أيضًا مجاري لمساعدة المياه على التسلل إلى الخارج، لكن ذلك لم يعطِ نتيجة.
وتقول بصوت مكسور: "لم يتبق لدينا أغطية ولا فراش.. القلوب من الداخل تبكي دمًا جراء هذه الأوضاع".
وفي وقت سابق السبت، قال جهاز الدفاع المدني في بيان إن طواقمه "تتعامل مع عشرات الخيام في مخيمات النازحين، إثر تعرضها للغرق في عدة مناطق بمواصي خان يونس"، فيما أكد الجمعة غرق المئات من الخيام بمناطق مختلفة.
وفي بيان له، قال المكتب الحكومي بغزة الجمعة إنه مع دخول فصل الشتاء بقوة "تتزايد معاناة المواطنين وتتفاقم المأساة الإنسانية لقرابة مليون ونصف إنسان يعيشون حياة النزوح في الخيام، بعدما أغرقت مياه الأمطار خيامهم البالية ومزقت الرياح العاتية ما تبقى منها".
وأضاف أن غزة تحتاج إلى "ما لا يقل عن 250 ألف خيمة و100 ألف كرفان كمأوى مؤقت لحين إعادة الإعمار".
ومع تفاقم هذه المعاناة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال مواد الإيواء من خيام وبيوت متنقلة، متنصلة من التزاماتها التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
الرد على تعليق