• الرئيسية
  • مقالات

  • الأردن والعراق، طريق واحد يجب ان يكون خاليا من المطبات الصناعية

الأردن والعراق، طريق واحد يجب ان يكون خاليا من المطبات الصناعية


بالتأكيد لا يمكن لأي شخص تهمه مصلحة الأردن والعراق الا ان ينظر بعين التفاؤل الى مخرجات اللقاء الذي جمع جلالة الملك عبدالله الثاني بضيفه الرئيس العراقي برهم صالح، حيث اتفق الزعيمان خلال اجتماعهما في عمان على "توسيع التعاون بين الأردن والعراق في شتى الميادين، لاسيما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة والنقل" وذلك كما ورد في البيان الصادر عن الديوان الملكي العامر، وشملت المحادثات قضايا تفصيلية مهمة وعلى رأسها "المضي قدما في تنفيذ عدد من المشاريع الاقتصادية المشتركة، وخصوصا خط أنبوب النفط من مدينة البصرة إلى ميناء العقبة، وتأهيل الطريق البري بين عمان وبغداد، وإنشاء منطقة صناعية مشتركة على الحدود بين البلدين"، ولا حاجة لمزيد من التوضيح بان هذه المشاريع تمثل مصالح استراتيجية لكلا الدولتين في الجانب الاقتصادي، فعبر التاريخ شكل البلدان عمقا استراتيجيا لبعضهما وخاصة على المستوى الاقتصادي، ولا يوجد أي سبب منطقي يمنع الدولتين من توسيع التعاون المشترك بما يحقق مصالحهما.
ونحن اذ نسلم بصدق النوايا والرغبة لدى الطرفين للوصول الى الأهداف المعلنة، فان على الطرفين ان يدركا أن هناك من يضع الحواجز والعراقيل في طريق تحسين العمل المشترك والتعاون بين الدولتين، سواء كان ذلك بقصد نتيجة وجود مصالح تتناقض مع مصالح الدولتين المشتركة، أو دون قصد نتيجة ضعف الأدوات وعدم القدرة على القيام بالمطلوب، ولذلك فمن الأهمية بمكان ان يعمل الطرفان على تحليل هذه العقبات ومن ثم تذليلها والتخلص منها من اجل المضي قدما على طريق التعاون الذي يحقق الفائدة للجميع.
ولعل أهم العراقيل هي تلك المجموعات المرتبطة سياسيا أو اقتصاديا بقوى إقليمية تحاول ان تبقي على نفوذها داخل العراق بكل الطرق الممكنة ولو كان ذلك على حساب مصلحة الدولة العراقية والشعب العراقي، هذه المجموعات التي كرست نفسها كقوى مؤثرة في مفاصل الدولة العراقية ليس من مصلحتها ان يتجه العراق غربا، وذلك لان هذا الاتجاه يعني بالضرورة خسائر سياسية واقتصادية لهذه المجموعات التي اثرت على حساب العراق والعراقيين خلال السنوات الماضية، وارتبطت بدول لم تتوقف عن محاولة فرض سيطرتها على القرار العراقي سياسيا والسوق العراقية اقتصاديا، هذه المجموعات كانت تثور وتغضب كلما ظهر حديث عن تحسن العلاقات العراقية الأردنية، فتراها تطلق الاتهامات التي لا أساس لها في محاولة لعرقلة أي جهود إيجابية ترمي الى تطوير العلاقات بين البلدين، وعلى الرغم من معرفة الجميع بأن الأردن هو اكثر الدول احتراما لسيادة العراق واستقلاله، الا أن هذه المجموعات ما انفكت تغمز في قناته بادعاءات لا أساس لها، وهذا أمر متوقع، فتحسن العلاقات العراقية الأردنية يعني بالضرورة تنوع الخيار العراقي في ملف العلاقات الإقليمية والدولية، وتنوع الخيارات يكسر الجهود المستمرة لبعض الدول لاحتكار القرار العراقي، فهذه الدول لا تحترم العراق كدولة ذات سيادة، وانما ترى في الدولة العراقية مساحة جغرافية تحاول استغلالها لتعزيز نفوذها الإقليمي سياسيا وأمنيا واقتصاديا، ويزعجها جدا أي توجه عراقي للانفتاح على دول أخرى، ويزعجها اكثر ان هناك فرصة حقيقية لتطوير علاقات إيجابية بين الأردن والعراق.
الأمر المهم الاخر يتمثل في أدوات تحقيق الأهداف المشتركة، فالتصريحات والاعلانات لا تكفي ان لم تتوافر كفاءات تترجمها الى واقع، وهنا على الطرفين ان يدققا جيدا في ادواتهما، بحيث لا تتحول هذه الإعلانات الى مشاريع معطلة نتيجة عدم القدرة على ترجمتها الى واقع ملموس، وعلى الدولتين ان تحسنا اختيار الشخصيات والمؤسسات التي ستكون مسؤولة عن تطبيق الاتفاقيات وتنفيذها على ارض الواقع، وهذا يعني أمرين، الأول ان تكون هذه الشخصيات والمؤسسات معنية فعلا بل وراغبة في تطوير العلاقات بين الدولتين على ارض الواقع وليس فقط أمام الكاميرات، والثاني ان تتمتع بالمؤهلات السياسية والاقتصادية والفنية التي تمكنها من تحويل الاتفاقات الى عمل حقيقي، فاخر ما يرغب به الطرفان ان يسلما مثل هذه الملفات الاستراتيجية الى شخصيات لا تملك القدرة على ادارتها، باختصار فالمطلوب هنا وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
لا شك لدي في حتمية تطور العلاقات الأردنية العراقية، فالعراق بحاجة الى الأردن كما هو الأردن بحاجة الى العراق، وما يزيد من مساحة التفاؤل ان هناك قوى وشخصيات وطنية حقيقية من الجانبين تدفع بهذا الاتجاه، وعلى الرغم من وجود المعيقات المذكورة أعلاه، فان المصلحة الاستراتيجية العليا لكلا الدولتين تقتضي المضي قدما على طريق تعزيز التعاون المشترك وتحقيق المصالح المتبادلة، وأما أولئك الذين يحاولون وضع العراقيل في طريق العلاقات بين الدولتين فمصيرهم الخسارة لا جدال، تماما كما ان حرص الدولتين على مصالحهما يعني بالضرورة استبدال الأدوات غير الكفؤة بأخرى قادرة على تحقيق النتائج على الأرض وليس فقط على الورق، وفي المحصلة على الجميع ان يدرك ان أي تأجيل او عرقلة لجهود التعاون بين الدولتين يعني خسائر للطرفين، وهو بالتأكيد ما لا يرغب به أي وطني عراقي او اردني، وهؤلاء الذين يحالون إعاقة النمو الطبيعي للعلاقات العراقية الأردنية ما هم الا مطبات صناعية يجب ازالتها حتى تكون طريق البلدين سالكة، وهذا ما سيحدث.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :