جردة حساب بقلم: مصطفى خريسات.



الانسان في هذا البلد يبدأ بالدفع منذ ولادته إلى ان يوارى في المقابر والتي تشترط دفع الرسوم قبل الدفن.
في الزمانات كان الاستثمار ينحصر في التعليم الحكومي رغم ضيق اليد المالية لكنه حقق الاهداف المرجوة في بناء الانسان والدولة وحوالات العاملين في الخارج وتلك الفترات التي خلت كانت شاهدة على ذلك.
اضف الى هذا الاستثمار المشاريع الاستراتيجية في الاردن والتي لعبت دورا اضافيا لتكريس دولة المؤسسات والقانون والعدالة والبناء فكانت مسرح للكافة دون تمييز كالبوتاس والفوسفات والموانئ والبنك الصناعي ومؤسسة الإقراض والمنظمة التعاونية وشركة الاسمنت وشركة تسويق الزراعي ومؤسسة المراكز التجارية ومصفاة البترول وسلطة المياه ومصنع الزجاج ومؤسسة المواصلات وغيرها الكثير من المشاريع التي ساهمت في عشق الاردنيين لوطنهم والتي جاءت بنوايا جادة لبناء دولة مستمرة قابلة للحياة!!
كل هذا وغيره كانت خطط الدولة في الاستثمار وخاصة التعليم الذي كان ركنا من اركان النهوض والتطور الأمر الذي دفع الجهات الرسمية ان تولي هذا الجانب اهتماما خاصا من خلال المدارس الحكومية الواسعة الانتشار في كل بقعة اردنية وفي المقابل كانت المدارس الخاصة على عدد اصابع اليد والمصنفة بالدرجة الثانية لدى الدولة والناس وبالتالي كانت المساواة في التعليم سمة غالبة لمعظم الشعب الاردني كونها اساس العلم وليس التجارة.
كان لدينا جامعة واحدة تأخذ المتميزين من الطلبة لاستكمال الدراسة الجامعية في حين كانت البقية تتوزع بين العراق ومصر وسوريا وقليل منها الى الدول الاجنبية لكن جامعة بيروت العربية كانت تستحوذ على حصة الاسد بالانتساب.
وهكذا استمرت حياة الاردنيين متساوية في الكفاءة والفرص ودون منغاصات وفواتير مالية كبيرة إلى ان جاءت حكومة عبدالحميد شرف رحمه الله ليقرع ناقوس الخطر برفع شعار ترشيد الاستهلاك وضغط النفقات عام 1979 رغم البحبوحة النسبية وتدفق المساعدات وحولات العامليين في الخارج الى انه انتقل الى رحمته تعالى في ريعان شبابه (43 عاما) وعمر وزارته 6 شهور وانيط بالاستمرار لهذه الحكومة بتعيين نائبه الدكتور قاسم الريماوي رحمه الله ليكون رئيس وزراء وهو الاستاذ الجامعي في كلية الزراعة في الجامعة الاردنية وعميد الكلية. واستمرت هذه الحكومة مدة 40 يوما ك حكومة تصريف اعمال وبقي في سكنه في المنطقة الشعبية بجبل الحسين منذ ان كان مدرسا بالجامعة حتى وفاته وهكذا كانت حياة الشرفاء!!

ومنذ ذلك التاريخ بدء المنحنى يهبط شيئا فشيئا الى ان جاءت احداث 1988 والتي كشفت هشاشة الوضع الاقتصادي وجيء ببرلمان يمتص الغضب ويعيد الأمور الى نصابها وكانت من نتائج تلك المرحلة ان هبط سعر الدينار من 3 دولار الى دولار و 30 سنت (!!!)
واستمر التراجع ووقعنا اتفاقية السلام مع اسرائيل وخرج علينا وزير الإعلام انذاك يحدثنا عن المعلقة والذهب والرخاء الاتي من تلك الاتفاقية لكن التراجع استمر والخداع زاد والكذب اتسع وانكشف وفي كل يوم المزيد من المراوغة يقابله المزيد من الخنوع لدى الشعب الطيب واستمرت الأمور بالانحطاط وفقد المنصب الرسمي هيبته وتقزم بحجم الصغار الذين يجلسون عليه باجندات خارجية إلى ان وصلنا الى المزيد من التردي والفشل وزيف للحقائق وبيع لمقدرات الوطن ومشاريعيه الاستراتيجية بطريقة جعلت الكل يفقد الأمل بالاصلاح والنهوض واصبحت مثل هذه المصطلحات ملهاة او مدعاة للسخرية والضحك.

استمرت المديونية دون ادنى اكتراث بالغيرة على الوطن ودون عمل فعلي منجز يقابل تلك المديونية وتلاشت الطبقة الوسطى وتوسعت الطبقة الفقيرة والمعدومة بشكل لافت واصبحت النسبة الغالبة بين طبقات الشعب الثلاث وافرزت هذه المرحلة طبقة حديثي النعمة وتراجعت الطبقة الغنية التقليدية وانقلبت الموازيين واصبحت الانجازات حبر على ورق وليس على الواقع
والناس ليسوا كإسنان المشط!!
انعكس هذا كله على المنظومة التعليمية التي اصبحت تجارة وحققت الفشل تلو الفشل سواء في التعليم المدرسي او الجامعي واصبحت الغاية هي الربح المالي على حساب تلك المنظومة التي لم نجد من يعلق الجرس لخطوراتها بل كان الهم تحقيق المصالح الشخصية على حساب مصالح الوطن وابناءه
.
لقد زادت نسبة البطالة في صورة ملفتة للنظر نتيجة التخبط والفساد زادت نسبتها حتى وصلت في منتصف 2020 الى 23٪ وربما تتجاوز ال 25٪ عام 2021.
واخيرا هل سندخل حقبة جدية بكل هذا الكم من المصائب والقضايا الاجتماعية والاقتصادية من حقوق الإنسان و العدالة النسبية
ربما ندخل قرن جديد مع كل هذه المصائب لكن الأجمل والانقى والافضل ان ندخلها بنوايا صادقة لبناء المواطن والوطن




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :