مُتشاقل بقلم : د. ميرفت سرحان


سلسة في أخر الأسبوع خاطرة
مُتشاقل

عند مراجعة طبيب الأسنان -عافاكم الله جميعًا من آلامها- عادة أنك إذا ما بدأت بالعلاج فإن مداواة كل ألم تقود إلى غيرها .. فلا ينتهي العلاج -على الأغلب- مباشرة أو بفترة سريعة .. وربما يصل الألم لأن يضرب على عصب السن فتحتاج لأن تخضع لعملية تنظيف لهذا العصب حتى تشعر بالراحة وتتخلص من الألم .. وأسوأ الأحوال أن تحتاج لخلع السن .. ولكن! على ألمه النفسي والجسدي والمادي والمعنوي .. إلا أن خلعه يشعرك بالراحة على المدى البعيد ..
جلست مرة مع أحدهم .. فقلت له: ما شاء الله! لون عينيك جميل، قال: لكن شعري خشن ومجعد .. ولأغير موضوع الحديث قلت له: انظر .. السماء صافية والشمس دافئة، قال: ولكنها ستغيب بعد قليل وستتلبد السماء بالغيوم، قلت: إذن الشتاء والرحمة، قال: البلل و"الأزمة" .. غيرت الحديث ثانية، قلت: سمعت عن حسن سلوك أبنائك في المدرسة، قال: لكن الطفل الأوسط تحصيله متدنٍ جدًا .. ثم غيرت الحديث مرة أخرى، قلت: سمعت أنك اشتريت سيارة جديدة، قال: مستعملة .. قلت: قيل لي أنك راجعت الطبيب مؤخرا لألم في قدمك، قال: كل جسدي يؤلمني .. قلت: أستأذنك فعندي لقاء مع أحدهم، قال: ربما لن تلحقي بالموعد .. هربت من المكان برسم المغادرة؛ للتملص من هذا المتشاقل ..
ربما يسألني سائل عن عنوان المقالة، ومن هو المتشاقل؟! ..
الاسم هو من بناتِ أفكاري -وعذرًا للغة العربية الجميلة- ولكن، وفي حدود معرفتي المتواضعة لم أجد في اللغة العربية كلمة دالة على ما يدور في خاطري نحو هذا الشخص .. وأذنت لنفسي -استثنائيًا- هذه المرة بأن أبتكر اسما ليصف هذه الشخصية .. وهو من مقطعين: أما الأول "متشا" فهو الجزء الأول من كلمة متشائم، والمقطع الثاني "قل" فهو الجزء الثاني من كلمة متثاقل .. أما التشائم: فيكاد نور الشمس بنظره أن يتحول إلى نور مصباح الدارة الكهربائية لطلبة الصف الثالث .. وأما ماء البحر إذا تأمله فيتحول إلى مكعب ثلج في القالب -لا حول ولا قوة إلا بالله- .. وأما التثاقل: فإنه يشعرك بأن الابتسامة عبء أثقل كاهله .. وأما الضحكة -حاشاه- فكأنما طُلِبَ منه أن ينقل حبات الرمال حبةً حبة من أسفل وادي سحيق إلى أعلى سحابة ماطرة ..
لست طبيبة أسنان .. ولكن خذها مني نصيحة إذا صادفت مثل هذا الشخص في حياتك .. وكان لابد من عشرته: فتعلم أن تنظف عصب التنفس لديك شهيقاً: بامتصاص امتعاظك مما يقول، ثم أخرج بالزفير ما أنتجه حديثه من طاقة سلبية في محيط سمعك .. أما إن لم تكن مجبرًا على العيش معه -بُشراك- فالعلاج الأجدى نفعًا معه هو أن تخلعه.. ومن جذر حياتك تقتلعه ثم غيرَ أسفٍ تتخلص منه ..
يقول الله تبارك وتعالى: "ولا تيأَسُوا من رَّوحِ الله .. إنَّه لا يَيْأَسُ مِنْ رَّوحِ الله إلَّا القومُ الكافِرونَ .." ..
ويقول سيدي وحبيبي محمد صلى الله عليه وسلم: "يسِّروا ولا تعسروا، بشروا ولا تُنفِّروا .." ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :