أسئلة في الحرب بقلم: حازم الخالدي



حقيقة وليس من باب الكتابة الاستهلالية، ولكن هذا ما يحدث معي في البيت ، فأكثر من يزعجني ابني في أسئلته المتعلقة بالحرب الدائرة في غزة والعدوان الإسرائيلي المستمر على هذا القطاع الذي لا نعرف إن كان جزءا من المنطقة العربية أم لا ، في ذهن من باعوه ووقفوا متفرجين على مصائبه التي لم تمر بتاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ، فكانت تلك الأسئلة المحرجة تأخذ منعطفات حادة لا أستطيع الاجابة عليها ، ولا أعرف كيف أتصرف معه بشأنها، فتصيبني الحيرة والصدمة وحالة صمت مذهلة.
طبعا هو كغيره سواء كان طفلا أم شابا أو شيخا ومن الجنسين ، لا يستطيع في ظل هذه الأحداث أن يغمض عينيه أو يكون بعيدا عنها، فالشاشات ومواقع التواصل تنقل كل مفردات الحرب إلى العالم ، فالأطفال اليوم دخلوا إلى عالم السياسة وأصبحوا يُبدون آرائهم مع كل حدث، ومع تطور الأحداث تزداد أسئلته سخونه وصعوبة، أحيانا يصر على الاجابة؛ عندما يجلس بجانبي متابعا للأحداث ليسألني: كل هذه الأمة العربية ولا أحد لديه القدرة ليدخل حبة دواء إلى قطاع غزة، أليست غزة بمدينة عربية؟!
أسئلته الكثيرة يظل يوجهها لي كما زخات الصواريخ على غزة، وهي أسئلة عفوية، ليس لها دوافع أو انتماءات سياسية أو حزبية ، سألني سؤالا محرجا .. الكل يتعاطف مع "إسرائيل" ويذهب إليها لمواساتها، لماذا لا أحد يزور غزة؟
ولماذا أيضا تساند أميركا "إسرائيل"، والعرب لا يساندون فلسطين، كل هذه الأسئلة أصابتني بالحيرة، وجعلتني أسخر منها أحيانا لأن تجربة ابني ما زالت طرية في الشأن السياسي، فاميركا تقول كلمتها أمام العالم، فيما نحن نعمل خلف الكواليس، ونلوذ بالصمت ، مع أن الرئيس الأميركي بايدن قالها للجميع، " الصمت تواطؤ " ، لذلك نحن نفضل الصمت ، لأننا لا نريد أن نعطي رأينا ، ولا نستطيع، لأننا نفهم الأشياء ولا نتجرأ أن نقولها.
في ظل هذا الوضع، بدأت استحضر أغنية " قارئة الفنجان"، ولكني حبستها دون أن أقول كلماتها ، وما زال الصمت يعيش بداخلي ، مفضلا أن لا أصدمه كثيرا ومحافظا على قدسية التعليم الذي لا أريد أن يختل بنظر هذا الجيل الذي يردد في اناشيده الصباحية في المدرسة" بلاد العرب أوطاني"..
أخيرا كان لا بد للكلمات أن تخرج من فمي لأقولها لابني، لقد عاصرنا حروبا كثيرة في هذا الزمن، وفي كل حرب كانت الشحنات تعلو بشكل متزايد في الخطابات العربية ، ولكن في النتائج كانت الصدمات التي لم تتوقف، ولذلك أقول لك عليك أن تستعد لهذا النوع الجديد من الذهول والصدمات، التي تجعلك لا تعترف بكل الحروف التي تقرأها.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :