غزة .. الفيتكونغ الفلسطيني. بقلم: حازم الخالدي




في غزة وما يجري فيها من مقاومة تتحلى برباطة جأش وتنظيم ومواجهة بأسلحة ومعدات بسيطة، مقاتلون أبطال يخوضون حرب استنزاف ضد عدو مجرم، يستخدم أحدث الأسلحة والمعدات والتكنولوجيا العسكرية، نستذكر ما جرى في حرب فيتنام التي خاضت فيها قوات (الفيتكونغ) حربا طويلة وشرسة بين الغابات وفي الأدغال، ومن تحت الأرض داخل الأنفاق ؛ لتُلحق في القوات الأميركية هزيمة أسقطت فيها هيبتها أمام دول العالم.
ما نراه في غزة من شراسة في القتال والدفاع عن الأرض والوجود يثبت أن هذه الحرب هي حرب إرادة ، لم تنتصر فيها التكنولوجيا، ولم تنتصر فيها الطائرات والمعدات والأسلحة الفتاكة، وإنما انتصرت فيها إرادة المقاومة ببساطة أسحلتها وإيمانها في الدفاع عن قضيتها العادلة، تخرج من الانفاق لتواجه دبابات الميركافا، بملاينها، لتحطم بأسلحة يدوية لا تتعدى تكلفتها 300 دولار، لقد ظهر الفيتكونغ في غزة مجددا يستخدم الألغام والحيل للايقاع بالعدو ..
قوات الفيتكونغ الفيتنامية التي كانت تنصب الأفخاخ والكمائن والألغام ، واجهت القوات الأميركية في حرب شرسة وأوقعت في صفوفها خسائر كبيرة، لم يكن الأمر سهلا بالنسبة للاميركيين الذين واجهوا حرب عصابات في فيتنام فكانوا يتعرضون إلى كمائن وتنصب لهم الأفخاخ، حيث يختفي الفيتناميون بسهولة عبر شبكة معقدة من الانفاق تحت الأرض، وهذا ما يحدث الآن في غزة.
الولايات المتحدة الأميركية أقحمت نفسها في حرب فيتنام في فترة الستينيات من القرن الماضي، وخاضت حربا في الأدغال والغابات ضد الوجود الأميركي الذي كان يسعى إلى إبطال انتخاب حكومة شيوعية في فيتنام، ومنعا لتحقيق أي وحدة في هذا البلد بعد تقسيمه إلى ثلاث دويلات، وبالتالي الخوف من الامتداد الشيوعي في بلدان شرق آسيا، فكانت وجهة النظر الأميركية إذا سقطت فيتنام في أيدي الشيوعية، فإن الدول المحيطة بها، مثل إندونيسيا، وتايلاند، وبورما، وماليزيا، ولاوس، وكمبوديا، ستسقط أيضاً.
الأمر مشابه في غزة لا يريدون للمقاومة الإسلامية أن تنتصر مهما كان الثمن؛ بالقتل أو بالإجرام أو الإبادة الجماعية حيث يستهدف الأطفال والنساء والشيوخ بشكل متعمد كما حصل في فيتنام، حيث استخدم الأميركان قنابل (النابالم) التي كانت تحرق الغابات وتتسبب في تساقط أوراق الأشجار أو حرقها، حيث قام الجيش الأميركي خلال الفترة من 1961 ولغاية 1971 ، برش أكثر من 20 مليون جالون من العامل البرتقالي( رمز لمبيد كيماوي استخدمه الاميركان في حرب فيتنام)، وهو مادة مسرطنة وأثرت هذه المادة على الإنسان ولوثت البحيرات والممرات المائية والتربة والهواء كانت دمار شامل على الإنسان والأرض في ذلك البلد.
الولايات المتحدة الآن تتدخل في غزة، لا بل أنها شريك في الحرب.. تخوض الحرب مع مرتزقة الكيان المحتل لهزيمة حركة المقاومة الإسلامية، وتقوم بقتل المدنيين، وتريد أن تسيطر على غزة وتضع يدها عليها سواء عن طريق إقامة سلطة خاضعة لها، أو بأشراف قوات دولية ، كما كانت أميركيا في فيتنام التي لم تكن تريد حكومة شيوعية ورفضت أي إجراءات إصلاحية بما فيها إجراء انتخابات، خوفا من الامتداد الشيوعي وامتداد نفوذه في بلدان شرق أسيا ، مثلما حدث في أوروبا الشرقية.
ارتكب الجنود الأميركان مجازر كثيرة وقاموا بقتل المدنيين وتعذيبهم بما في ذلك النساء والأطفال الرضع وعزلهم في أماكن مفتوحة..مجازر بشعة ارتكبت ، لم يعلم بها الرأي العام العالمي إلا فيما بعد، نظرا لغياب وسائل الاعلام التي لم تكن تنقل الحدث مباشرة في ذلك الوقت، بعكس ما يحدث اليوم ، ومنها ما حدث في آذار عام 1968 حيث تم تعذيب وقتل نحو 500 مدني وتم التستر على هذه المجزرة ولم تتكشف إلا بعد عام كامل.. كانوا يتعمدون قتل المدنيين باعتبارهم خونة يتعاطفون مع قوات الفيتكونغ .
كانت القوة العسكرية الأميركية والأسلحة التي تستخدمها، عنصر التفوق في هذه الحرب، لإجبار الفيتناميين على الاستسلام، وهذا لم يحدث لأن الجيش الأميركي واجه حرب استنزاف من (الفيتكونغ)، وهي الحرب التي أرهقت الأميركان وجعلتهم يواجهون ضغطا داخليا وبالذات من طلبة الجامعات الأميركية مما أجبرهم على مغادرة فيتنام يجرون ذيل الهزيمة.
وكان مقياس النجاح في حرب فيتنام عدد القتلى في صفوف الفيتناميين، وهذا شجع الجنود الاميركيون على قتل المزيد منهم ، مثلما يحدث في غزة حيث تقتل قوات الاحتلال الصهيوني المدنيين وترتكب بحقهم المجازر بطريقة تحصد أعدادا كبيرة من الأرواح بين الفلسطينيين.
انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من فيتنام لأن العالم وقف ضد هذه الحرب ، وانتصرت قوات الفيتكونغ ووحدت البلاد في ظل حكومة واحدة بعيدا عن التقسيم، ولم تحقق أميركا أهدافها التي وضعتها في بداية الحرب، ويبدو أن المؤشرات في غزة أن قوات الاحتلال الصهيوني تواجه صعوبة كبيرة في تحقيق أي نصر، وستلحق بها الهزيمة كما حدث مع أميركا.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :