صوتُ الصمت بقلم : د. فاطمة النشاش



في عصرٍ مليءٍ بالصخب، يحملُ الصمتُ قوة خاصة في التعبير، بصوتِه الخاص ولغةٍ لا تحتاج إلى كلمات يمثلُ الصمت أحيانًا واقعًا لا يمكن تَفاديه، فهو ليس مجردَ غياب الحديث، بل هو تعبيرٌ عن حالاتٍ داخليةٍ متعددة تتراوحُ بين القلق.. الخوف... الضغوطات العائلية والاجتماعية... العنف... التمييز... وحتى الاكتئاب، يَتجلى هذا الصمت في النساء الأردنيات بطرقٍ متعددةٍ، فهو يحملُ قصصهن التي لا يتحدثنَ عنها، وينطقُ بأحاسيسهن التي يَكتمنَها، إنه صمتٌ ينبض بالحياة، ويحملُ في طياتهِ العديد من الحكاياتِ التي تكشف عن الحقائقِ العميقةِ لصحة المرأة النفسية. تُعد الصحة النفسية أمرًا حيويًا، ولكن ما يجعلُ حالة المرأةِ الأردنية فريدةً هو تأثير الصمتِ على واقعها اليومي، إنه ليس صمتَ العجز أو الضعف، بل هو قوة خفيّة تسكنُ داخل كل امرأة، تحكي قصة التحدّيات النفسية التي تواجهها، من التفاصيلِ الصغيرة إلى التجاربِ الكبيرة، فيتجلى صوتُ الصمت لتَهدئةِ العقل وتقويةِ الرُوح لهذه النساء القويات. فَهل تحظى المرأة الأردنية بالرعايةِ والدعمِ الكافي لصحتها النفسية؟ هَل تتمكن من التعبير عن مشاعِرها ومشاكِلها بحرية وثقة؟ هل تَجد من يستَمع إليها ويساعدها؟ أم أنها تعيشُ في صمت؟ وفقًا لِ " Jordan Gender Barometer survey" فإن 60% من النساءِ الأردنيات يشعرن بالغضبِ والتعاسة، كما أنّهن أكثر عُرضة للعنف بسبب حزنهن. لا يُمكن إنكار أن المرأة الأردنية تواجِه العديدَ من التحدياتِ والضغوطاتِ التي تُؤثر على صِحتها النفسية، منها الفقر والبِطالة والتَعنيف والزواج المُبكر والطلاق وغيرها، وتَزداد هذه التحديات صعوبةً بسبب نقص المواردِ والخدماتِ الضرورية لدعم الصِحة النفسية للمرأة، بالإضافةِ إلى ذلك فإن العديدَ من النساء الأردنيات يعانين من نقصِ الوعي والمعرفة بحقوقهن وطرق العلاج والوقاية الضرورية لحماية صحتهن النفسية، ويواجِهن حواجزًا اجتماعية وثقافية تَمنعهن من طلبِ المساعدة النفسية، بسبب الخجل والخوف والوصمة والتهميش والمفاهيم الخاطئة. لا يَسعني الا أن أقول إن المرأة الأردنية هي عَمود الأسرة والمجتمع، فَهي تقومُ بدورٍ أساسيٍ في تربية الأبناء والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأي انخفاض في مستوى الصحة النفسية، سَيؤثر على جودةِ حياتها وعلى قدرتها على الأداءِ والإنتاجِ والتفاعل مما يَنعكس على صحةِ وسعادةِ أُسرتها ومُجتمعها. لذا، الرعاية النفسية للمرأة الأردنية بحاجةٍ إلى المزيد من الاهتِمام وتَشجيع المُجتمع على فَتح قَنوات الحِوار وتَوفير الدّعم النفسي والاجتماعي، هناك حاجة لِبيئة مُشجعة تَسمح للمرأة بالتعبيرِ عن نفسها بِحرية. في النهاية، "صوتُ الصمت" لا يعني العَدم، بل هو لغةٌ تفهمها النساءُ الأردنيات تمامًا، إنها رسالة تتحدثُ عن الصمودِ والقوة، وتَعبير عن الحكاياتِ التي تكمن في دَواخلهن، مما يؤكدُ أن الصمتَ أحيانًا يصبح أعظم شاهد على قوةِ الروحِ والعقل




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :