• الرئيسية
  • مقالات

  • العيسوي… قامة وطنية تستحق التقدير والاعتزاز بقلم: أ. د. حسين الخزاعي

العيسوي… قامة وطنية تستحق التقدير والاعتزاز بقلم: أ. د. حسين الخزاعي


تشرفتُ بمرافقة نخبة من الأساتذة والباحثين والمدربين والرواد الأوائل في مجالات التنمية البشرية والتربية الخاصة والعمل التطوعي، الذين ينتسبون إلى أكاديمية مضمار لتطوير الأداء والتنمية البشرية التي نعتز ونفتخر بإنجازاتها ، لمقابلة السيد يوسف حسن العيسوي، رئيس الديوان الملكي الهاشمي العامر. وقد امتاز اللقاء بالودّ والمسؤولية الوطنية، في جلسة حوارية جرى خلالها الوقوف على أبرز القضايا ذات الصلة بالواقع الاقتصادي والاجتماعي في الأردن.
بدايةً، لا بد من الإشارة بفخر إلى تميّز اللقاء بطابع إنساني وطني واضح، انعكس جليًا في شخصية رئيس الديوان الملكي العامر، الذي أظهر خلال الجلسة مجموعة من الصفات القيادية الراقية التي أضفت على النقاش جوًا من الإثراء والحيوية. فقد كان شفافًا واضحًا في حديثه، واضعًا أمامنا صورة شاملة عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الأردن، ومدعمًا رؤيته بموضوعية ومسؤولية. وقد شدد على أهمية الانتماء والعطاء والعمل واستثمار الوقت في التنمية والإبداع، وبذل الجهد والإخلاص في العمل، بوصفها قيمًا أصيلة تحرص الدولة الأردنية على ترسيخها لدى أفراد المجتمع في مختلف مواقع عملهم.

ينطلق العيسوي في حديثه من الفكر إلى الفكر، ويتحدث من القلب والوجدان، مستندًا إلى رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في تطوير الوطن وخدمته. ويؤكد أن التوجيهات الملكية تشكّل أساس التخطيط للمستقبل وتحسين نوعية حياة المواطن، وأن الرؤية الملكية الشاملة نحو التحديث السياسي والإداري والاقتصادي تشكّل خارطة الطريق لمستقبل الدولة الأردنية. كما شدّد على أن مسؤولية ترجمة هذه الرؤية تقع على الجميع، كونها تجسد إطارًا وطنيًا متكاملًا يوجه عملية التطوير ويعزز كفاءة المؤسسات في خدمة المسيرة التنموية المستدامة.

وقد دفعني هذا الأسلوب الإنساني القيادي للحديث عمّا يجيش في القلب من محبة واعتزاز وفخر وولاء وانتماء للوطن. فالحمد لله الذي أنعم على الأردن، وطن العز والفخار، بقيادة هاشمية حكيمة ومبادرة، يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه، بجهد متواصل وعزيمة لا تلين. كما نسأل الله أن يحفظ سموّ ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي نرى في حركته الدؤوبة وجولاته الميدانية مثالًا للشباب الأردني الطموح، يسير على خطى جلالته في خدمة الوطن والمواطن في كل المحافظات والبوادي والأرياف والقرى.

واستثمرتُ وجودي في الديوان الملكي الهاشمي العامر لأؤكد بإيجاز دور جلالة الملك المتميز في خدمة القضايا العربية والدولية. فمواقف جلالته الممتدة على مدى سنوات تظهر الأردن بوصفه قوة استقرار فاعلة في الشرق الأوسط، من خلال مشاركته المستمرة في جهود حل النزاعات وتعزيز الحوار والتعاون الإقليمي والدولي. وقد جعل النهج الوسطي المعتدل لجلالته من صوته صوت الحكمة والاتزان في العالم، إذ يجوب الساحات الدولية لحشد الدعم لإنهاء الصراعات وتحقيق سلام عادل ودائم.

ولعل من أبرز المحطات التي حرصتُ على تناولها الرد على المشككين والناكرين للدور الأردني في خدمة القضية الفلسطينية، والرد على “اللاعبين الجدد” في هذه القضية، الذين حذّر منهم الملك في خطابه التاريخي أمام الكونغرس الأمريكي في 7 آذار 2007. وكأن جلالته كان يستشرف المستقبل حين قال: “ عليّ أن أتكلم عن قضية ملحّة لشعبكم ولشعبي. فعليَّ أن أتكلم عن السلام في الشرق الأوسط؛ وعليّ أن أتكلم عن سلام يحلّ محلّ الفُرْقة والحرب والنزاع الذي جلب الكوارث للمنطقة وللعالم. والوضع الراهن يعمل كذلك على جرّ المنطقة والعالم نحو خطر أعظم. فمع تناقص ثقة الناس في عملية السلام، فإن حلقة الأزمات تدور بسرعة أكبر — حاملة معها احتمالات أكثر للدمار. فالنهج العسكري المتغير والأسلحة المستخدمة فيه، يحمل في ثناياه أخطاراً جديدة. مثلما هو الأمر في تزايد أعداد اللاعبين الخارجيين الذين يتدخلون لتنفيذ أجنداتهم الإستراتيجية مما يدفع إلى الواجهة مخاطرَ جديدة تتمثل في إحداث الأزمات وانتشارها. فهذه جماعات تسعى إلى إحداث مزيد من الفُرْقة: دين في مواجهة دين آخر، وبلد ضد بلد، ومجتمع ضد مجتمع. ولهذا، فأي تدهور آخر في الوضع سيشكّل خطراً على مستقبل الاعتدال والتعايش... في المنطقة وما وراءها. والسؤال مرة أخرى: هل فقدنا جميعاً إرادة العيش معاً بسلام والاحتفاء بنقاط القوة ونقاط الاختلاف بيننا؟. أن البعض سيقول: إن هذه ليست القضية المحورية في الشرق الأوسط. وأنا هنا بينكم اليوم باعتباري صديقاً لكم لأقول إنها فعلا القضية المحورية. وهذه القضية لا تقف عند حدّ إحداث نتائج بالغة القسوة لمنطقتنا، بل تتعدى ذلك إلى إحداث نتائج بالغة القسوة لعالمنا. انتهى الاقتباس .
وقد وضع جلالة الملك عبدالله الثاني آنذاك إصبعه على جوهر الأزمة، محذرًا من مخاطر الانقسام والتطرف وتراجع الثقة بعملية السلام، ومبينًا أن التدهور يمسّ مستقبل المنطقة والعالم على حد سواء. وللأسف هذا ما جرى ويجري على ارض الواقع هذه الأيام.

ويجول في الفكر والوجدان سؤال مهم: أين أساتذة التربية الوطنية والعلوم السياسية في الجامعات والمعاهد الأردنية، وأين رجال الفكر والإعلام والمحللون ومعدّو البرامج في القنوات الفضائية الأردنية الحكومية والخاصة، من هذا الخطاب التاريخي الذي اتسم بالجرأة والحكمة والصدق، وجعل أعضاء مجلس الكونجرس الأمريكي يُصفّقون لجلالته بحرارة رغم اختلافاتهم الحزبية والفكرية؟

أما في ما يخص العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، فقد اتخذ الملك عبدالله الثاني منذ اليوم الأول موقفًا صلبًا حازمًا، وعمل على حشد عالمي لوقف الحرب وحماية المدنيين ومنع تفاقم الوضع الإنساني. وجعلت مكانة جلالته وجولاته الدولية من الأردن ركيزة استقرار إقليمي.

ورغم الحديث في القضايا الدولية والعربية، لم يغب عنّي الداخل الأردني؛ فقد أصبح وطننا محط اهتمام دولي. إذ يحتضن الأردن 57 جنسية، وتشكل نسبة المهاجرين نحو 34% من السكان، و85% من غير الأردنيين هم من اللاجئين الذين دفعتهم الظروف الأمنية في أوطانهم إلى اللجوء. والحمد لله على نعمة الأمن والأمان، التي توفرت بتوجيه ومتابعة جلالة الملك عبدالله الثاني، وجهود الجهات الأمنية التي تعمل بتناسق وتكامل لتوفير حياة آمنة مستقرة.

وفي الجامعات الأردنية اليوم (51,647) طالبًا وطالبة من 113 دولة عربية وأجنبية للعام الجامعي 2024–2025، مما يعكس المكانة الأكاديمية المرموقة التي حققها الأردن، والتي تشهد عليها التصنيفات العالمية.

وبعد… فإن العيسوي، الذي أصبح صاحب تأثير إيجابي واضح في المجتمع الأردني، يعمل بصمت، يجوب المناطق النائية والبعيدة، ويتابع بأمانة توجيهات الملك عبدالله الثاني، حريصًا على الإنجاز والجودة وعدم تعطيل مصالح المواطنين. يبهرُك بتواضعه، ويأسرك بحسن استماعه، وإذا طلبت مزيدًا من الوقت رغم مشاغله الكثيرة، يبادلك الكلام الطيب والنظرة الودودة ويقول لك: “تفضل وواصل الحديث.” ولعل من أبرز ما يميز العيسوي فن الإصغاء واحترامه للرأي العلمي والمهني؛ إذ يحرص على الاستماع الجيد للمتحدثين، لا يقاطع المتحدثين أثناء حديثهم، في دلالة على تقديره لهم ولأفكارهم. باختصار العيسوي مدرسة في الأخلاق وحسن الملقى وفن الإدارة والحوار.
أحلى الكلام… وسامٌ مجتمعي مرصع بالفخر والحب والشكر، نعلّقه على صدر رئيس الديوان الملكي الهاشمي العامر السيد يوسف العيسوي، تقديرًا لجهده ومكانته وإخلاصه في عمله، ومحبته ووفائه لمليكنا النموذج عبدالله الثاني ولسمو الأمير الحسين بن عبدالله، حفظهما الله.

الكاتب: أستاذ دكتور متخصص في علم الاجتماع
ohok1960@yahoo.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :